عندما دنس نتنياهو السبت.. وحطم "لوحي الشريعة"

القصة هكذا.. كان موسى نبي الله، على الجبل، واستلم منه لوحي الشريعة، الذي كُتب عليهما "الوصايا العشر"، بأصبع الله، لكنه نزل إلى شعب بني إسرائيل، ليُصدم بردة فعلهم..

فقد ظنوه أنه مات على الجبل، إذ غاب عنهم مدة 40 يومًا، فقالوا من يهدينا إلى طريق الله، لنصنع عجلًا مذهبًا، ونتبعه، فعاقبهم موسى، إذ كسر لوحي الشريعة، وحرمهم منها، وبعد فترة إذ أعلنوا توبتهم، صعد إلى الجبل ونزل بلوحين آخرين كتبهم هو بيده..

 

10 طلبات بسيطة

كان الأمر بسيطًا، طلب الله من بني إسرائيل 10 أمور هامة، تحكم العلاقة بينما بصفته ربهم وراعيهم، وردت جميعها في الفصل العشرين (الأصحاح 20)، ثاني أسفار الناموس، التي كتبها موسى نبي الله:

 

التجاسر على وصايا الذات الإلهية

لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنََّ..

كانت الوصايا المُشار إليها، هي وصايا خاصة جدًا بالذات الإلهية، حرص فيها الله، على أن يقوم بتوعية شعبه، بأنه يرفض اتباع أي معبودات أخرى سواه، فجميعها باطلة، ولعل المسيح لم يترك الأمر، دون أن يؤكد على أن هذه المعبودات لا تُختزل في الأصنام والأوثان بعينها.

بل أن محبة المال، ومحبة الذات، ومحبة المنصب، وما يُشابه، جميعها عبادات، تجعلك توضع في محل مقارنة، إذا تعارضت الوصية الإلهية مع ذاتي وكبريائي ومصلحتي، فأيهما سأرضي.

وبكل أسف اختار نتنياهو أن يرضي طموحه العسكري، ويعبد ذاته ومنصبه، منكرًا الله، الذي يراه ويحزن على مواقفه بحق الشعوب الأخرى.

 

الرب لن يُبرأ

جاءت الوصية الرابعة كالاتي:

لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.

ومن المعروف أن نتنياهو وحاخاماته، يجيدون الزج بالعقيدة والمعتقد، لتبرير اعتداءاتهم المستمرة على بني الإنسان، فلك أن تسألهم: “لما الاعتداء على الشعب الفلاني؟”، لتجد الإجابة حاضرة على لسان الحاخامات: الرب يقول.. الرب وعدنا.. الرب أكد لنا.. الخ!!؟؟، وهذا هو النطق الباطل باسم الرب الإله، الذي لم يأمر يومًا يمثل هذه الأفعال.. الرب الذي أعرفه رؤوف ورحيم، وصبر على اسرائيل مرارًا وتكرارًا في قساوة قلوبهم.

 

السبت.. الغير مُقدس

اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.. 

هكذا طالب الرب شعب بني اسرائيل، وهم صوريًا يحصلون على أجازات يوم السبت، ولكن هل يوم السبت يومًا مُقدسًا؟، هذه الأيادي المرفوعة لتعبد.. هل تعتقد عزيزي القارئ أنها لم تُلوث بالدماء؟..

أما قرأ نتنياهو، ما ورد في سفر أشعياء: عِنْدَمَا تَبْسُطُونَ نَحْوِي أَيْدِيَكُمْ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْكُمْ، وَإِنْ أَكْثَرْتُمُ الصَّلاةَ لَا أَسْتَجِيبُ، لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ مَمْلُوءَةٌ دَمًا. اغْتَسِلُوا، تَطَهَّرُوا، أَزِيلُوا شَرَّ أَعْمَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ.

حفظك للسبت غير مقبول بكل أسف، لانك لا تقدسه، بل أخجل أن أقول أنك ترتكب فيه أفعال غير مقدسة إطلاقًا.

 

تحطيم الوصايا الإنسانية بالجملة

كانت الوصايا التالية تخص التعامل مع البشر:

أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
لاَ تَقْتُلْ.
لاَ تَزْنِ.
لاَ تَسْرِقْ.
لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».

ويقول المثل الشعبي العامي: اللي مايشوفش من الغربال يبقى أعمى.. فلم يترك نتياهو واحدة من هذه إلا ودهسها.. برع في القتل.. والسرقة.. والاغتصاب.. والشهادة الزور.. واشتهى كل ما في يد قريبه الإنسان.

أبعد هذا كله، لم يرتكب نتنياهو جريمة جلل، مثل تحطيم الشريعة، ولوحيها؟!.

أتعجب حقًا.. كيف ينم هذا الرجل؟!

 

جرجس صفوت
كاتب صحفي مُتخصص في الشؤون القبطية
عضو نقابة الصحفيين المصريين – واتحاد الصحفيين العرب
شماس إيبذياكون بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
حاصل على بكالريوس الكلية الإكليريكية 
ودبلومي معهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية والتربية الكنسية

 

إقرأ أيضًا

رسالة الجد عوبيديا إلى «إسرائيل»

يكال لكم ويزاد

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الاحتلال: 50 طائرة مقاتلة هاجمت منشأة أصفهان النووية بإيران
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل