سعاد حسني، واحدة من أبرز نجمات الشاشة المصرية والعربية في القرن العشرين، وواحدة من الشخصيات التي مازال الغموض يلف سيرتها وسر موتها، وهل كان انتحارا أم قتل غدرا وغيلة.
ومن مفارقات القدر أن تتزامن ذكري ميلادها بذكري رحيل العندليب عبد الحليم حافظ، والذي بدوره ربطته بها الحكايات الأسطورية والتي ما تزال تتردد حتي الآن، وكان أخرها الضجة التي ثارت حول حقيقة زواجهما من عدمه.
لكن تبقي سعاد حسني، الأنثي الحلم، الأسطورة الذهنية لإنسانة تنطق نظرات عيناها بكم الظلم والإجحاف الذي تعرضت له، ربما لطيبتها وحسن ظنها فيمن أحاطوا بها. وهو ما يلمح له الكاتب الراحل، عبده جبير في كتابه، “أهم أسباب الليل”.
سعاد حسني “طيبة وخدومة” بالمعني المصري الأصيل
ويذهب “جبير” إلى أن "سعاد حسني كانت، فعلا، إنسانة طيبة بالمعني المصري الصميم، مثلا حين تراها بين الأصدقاء في جلسة ود وهي تطبخ لهم فتة، أو تخدم عليهم في بيتها فترة زواجها من علي بدرخان كأي ربة بيت كريمة وخدوم، لا تمتلك إلا أن تصفها بهذه الطيبة التي تتخلي فيها عن أي مظهر من مظاهر النجمة ساحقة الشهرة.
ولربما بسبب هذه الطيبة أخذت علي رأسها الضربة تلو الضربة، بعضها بقصد، وبعضها بغير قصد، لكنها كانت تتلقي الضربات دائما وربما كانت هذه هي ضريبة الشهرة.
الشائعات في حياة سعاد حسني
ليس هناك إنسان مشهور لا تدور حوله شائعات من كل نوع، وبالنسبة للفن فإن الشائعة قد تصل إلي حد لزوم ما يلزم في حياته، لكن هذه الشائعة، وحين تكون الأمور ماشية في إطارها الطبيعي فهي شائعات عادية أو حتي مضحكة، لكن حين يتحول مجتمع ما تحولا فجائيا يقلبه رأسا علي عقب، فإن الشائعة تتحول إلى طور من القسوة يجعلنا نقول عنها بكل برود "شائعة متوحشة".
ويضيف “جبير”: وبعد التحول الفجائي الذي قلب المجتمع المصري منذ منتصف السبعينيات، جري بالضبط مثل هذا التحول فبدلا من أن تنصب الشائعات حول الفنانين، علي قصص الزواج أو الطلاق المعهودة، تحولت إلي تصوير الفنانين باعتبارهم جميعا ثلة من القوادين، والفنانات إلي ثلة من العاهرات، ويكاد المرء يقول، إن الأمر كان مقصودا لضرب واحدة من الدرر التي منحتها الطبيعة للشعب المصري، ممثلة في مواهبه الفنية والأدبية حتي يتم استكمال الإجهاز عليه وتحويله من مجتمع فاعل إلي مجتمع خامل عقيم.
ما قصة سائق التاكسي مع سعاد حسني؟
ويروي “جبير”: ثلاثة أصدقاء للفنانة الشهيرة ــ سعاد حسني ــ وزوجها كانوا قد تناولوا الغداء للتو في منزلهما بوجود عدد آخر من الأصدقاء ـالشهود ــ وكانت المناسبة الاحتفال بنجاح فيلم قامت ببطولته، وكانت أفيشات الفيلم تملأ مسطحات الإعلان التي تغطي جوانب شوارع القاهرة، ولأن أحد الأصدقاء نطق باسم الفنانة في سياق الحديث، تدخل السائق ــوكان من ذلك النوع من البشر محبي الظهور والفشخرة، محبي الإدعاء، أولئك الذين لا ينسون فحولتهم لحظة ربما بسبب افتقادهم، لها وأكد أنه كان منذ نصف ساعة فقط مع الفنانة الكبيرة في فيلتها في المعادي، ويمكن للمشاهد هنا أن يستكمل الصورة المريضة التي صورها خيال مريض لسائق تاكسي لا يمكن أن يكون قد رأي قط الفنانة الكبيرة رؤية العين إلا في أحلامه وخيالاته المريضة، لأن الخيال السليم لعشاق الممثلة الشهيرة، وهو أمر مشروع كان يصورها لهم، جيلا بعد جيل في صورة السندريلا الحبوبة التي تغني وترقص، وتتمايل وتقفز لتسعد الناس وتداعب أرواحهم.