ليست يسرا مجرد فنانة، بل هي سيدة الضوء التي مشت بثوب الحلم، دون أن تنطفئ منها أبدًا شمعة واحدة. حين تقف على الشاشة، لا تمثل دورًا، بل تخلق حياة. تكتب أنوثتها على ملامح الشخصية، وتوقّع قلبها على كل مشهد، حتى يبدو لك أن الكاميرا تبتسم لها قبل أن تبدأ التصوير.
في زمنٍ كانت البطولة الأنثوية رفاهية، دخلت يسرا المشهد كاستثناء دائم. لم تَخَف من المخرجين الكبار، بل جعلتهم يعيدون التفكير في أدوار النساء. مع عادل إمام شكّلت ثنائية الأناقة والكاريزما، لا لتكون مجرد “بطلة”، بل شريكة في نَفَس النصّ ودهشة الصورة.
ما بين “الراعي والنساء”، و”طيور الظلام”، و”سيدة القاهرة”، اختارت يسرا دائمًا أن تمشي على الحد الفاصل بين القوّة والرقة، بين الانكسار والعناد. إنها المرأة التي تستطيع أن تبكي على الشاشة، لكن دموعها لا تسقط هباءً، بل تشبه المطر الذي يُنبِتُ شيئًا في القلب.
لم تتوقف يسرا عند التمثيل. عرفها الجمهور بصوتٍ دافئ في “ثلاث دقات”، فغنّت للفرح، للضوء، وللحبّ البسيط الذي يشبه شمسًا تسطع في زقاق قديم. ثم عادت إلى الشاشة الصغيرة لتثبت أن نجومية التلفزيون تحتاج إلى قلبٍ واسع، وموهبة لا تعترف بالعمر أو التكرار.
خلف الكواليس، هي سيدة أنيقة تعرف كيف تصنع السلام في المكان، وكيف تكون قوية بلا صوتٍ عالٍ. يسرا لا تحتاج أن تشرح نفسها، يكفي أن تكون.
في عالم يهرول نحو النسيان، تبقى يسرا ذاكرة ناعمة، ثابتة كأغنية نحبها منذ الطفولة ولا نعرف لماذا لا نملّ منها.