سلطت صحيفة واشنطن بوست، اليوم السبت، الضوء على رد إيران المحتمل في حال قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شن هجوم مباشر على إيران، متوقعة أن تتحول جميع القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط إلى "أرض محروقة" على حد تعبيرها، بفعل الرد الانتقامي لطهران ضد الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير موسع لها بعنوان: قواعد أمريكية قد تهاجم إيران - وتصبح أهدافًا"، إن تصريحات مسؤولين إيرانيين مؤخرًا عكست استعدادًا واضحًا للرد بقوة، حيث حذر وزير الدفاع الإيراني، عزيز ناصر زاده، من أن "جميع القواعد الأمريكية في متناول أيدينا وسنستهدفها بجرأة" إذا وقع الهجوم.
كما أشارت إلى تصريح المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء، بإن "الضرر الذي ستتكبده الولايات المتحدة سيكون بالتأكيد لا يمكن إصلاحه إذا دخلت هذا الصراع عسكريًا".
القوات الأمريكية تحت تهديد الرد الإيراني
وأوضحت "واشنطن بوست" في السياق، أن عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين يتمركزون في قواعد عسكرية منتشرة في أنحاء المنطقة، ما يجعلهم في مرمى نيران أي رد إيراني.
وركز التقرير على قاعدة "عين الأسد" الجوية الواقعة غرب بغداد، والتي تعد أكبر قاعدة أمريكية في العراق، وتضم آلاف الجنود، حيث سبق أن استهدفتها إيران ووكلاؤها أكثر من مرة، أبرزها في يناير 2020، بعد اغتيال قاسم سليماني، حين أطلقت طهران 16 صاروخًا على مواقع للقوات الأمريكية، سقط 11 منها على قاعدة "عين الأسد"، وأدت إلى إصابات وحفر ضخمة.
كما شملت الضربات حينها قاعدة أربيل العسكرية في إقليم كردستان شمال العراق، وفي أغسطس الماضي، استهدفت جماعات مدعومة من إيران قاعدة "عين الأسد" مجددًا بالصواريخ والطائرات المسيرة.
واعتبر التقرير في الإطار أن تصريح إدارة ترامب هذا الشهر باعتزامها تخفيض الوجود العسكري الأمريكي في سوريا من ثماني قواعد إلى قاعدة واحدة: التنف، الواقعة في موقع استراتيجي جنوب سوريا بالقرب من الحدود العراقية والأردنية، كان تفاصيل توقيته غامضة.
وأشارت إلى تعرض البرج 22، وهو موقع أمريكي في الأردن على مقربة من التنف، لهجوم بطائرة مسيرة في يناير 2024، ما أدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة العشرات، في أسوأ هجوم منذ سقوط كابول عام 2021.
منشآت حيوية في الخليج العربي على خط النار
ولفتت "واشنطن بوست" إلى انتشار القوات الأمريكية في منشآت رئيسية في الخليج، أبرزها، قاعدة العديد الجوية في قطر، وهى أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة وتضم أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي.
وكذلك الأسطول الخامس في البحرين، ومقره قاعدة الدعم البحري في المنامة ويضم نحو 8300 بحار، إضافة إلى قاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات وتشمل مقر الجناح الجوي 380 التابع لسلاح الجو الأمريكي. كما ذكرت معسكر بيورينج وقاعدة علي السالم الجوية في الكويت.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إيرانيين أبلغوا قطر هذا الأسبوع بأن هذه القواعد ستكون "أهدافًا مشروعة" لأي رد عسكري إذا نفذت الولايات المتحدة هجومًا على إيران، وفقًا لمصدر دبلوماسي أوروبي تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته.
السفارات والمصالح الأمريكية قد تُستهدف أيضًا
وأفادت الصحيفة بأن السفارات الأمريكية والمجمعات الدبلوماسية في المنطقة، خصوصًا في العراق ودولة الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت معرضة للخطر، مشيرة إلى سحب الولايات المتحدة بعض موظفيها وأفراد عائلاتهم من هذه المواقع.
ونقلت "واشنطن بوست" عن أبو علي العسكري، المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقية المدعومة من طهران، قوله إن "القواعد الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة ستصبح أشبه بمناطق صيد الطيور"، ملوحًا بـ"مفاجآت غير متوقعة" للطائرات الأمريكية.
البنتاجون يحافظ على دفاعاته وسط تحركات جوية وتكتيك للهجوم من خارج المنطقة
وردًا على هذه التهديدات، ذكرت واشنطن بوست أن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون أكد عبر المتحدث باسمه، شون بارنيل، أن "القوات الأمريكية تحافظ على وضعها الدفاعي"، في حين أعلن وزير الدفاع بيت هيجسيث نشر قدرات إضافية في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات الأمريكية المحتملة قد لا تُنفذ من قواعد المنطقة، بل من قواعد بعيدة، أبرزها، قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميسوري، التي تنطلق منها قاذفات B-2 الشبح القادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات لاستهداف مواقع مثل منشأة "فوردو" النووية الإيرانية تحت الأرض.
وكذلك جزيرة دييجو جارسيا في المحيط الهندي، التي تُعد نقطة انطلاق استراتيجية للقاذفات الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قاذفات B-2 سبق أن نفذت مهام مباشرة إلى الشرق الأوسط انطلاقًا من ميسوري، مع التزود بالوقود جوًا خلال رحلات تستغرق أكثر من 30 ساعة.
كما ذكرت أن الولايات المتحدة أرسلت 30 طائرة للتزود بالوقود من داخل أراضيها إلى أوروبا يوم الأحد الماضي، استعدادًا محتملًا لأي تصعيد، قبل أن تشير إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية أعادت توجيه حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" إلى الشرق الأوسط، لتنضم إلى "يو إس إس كارل فينسون"، ما يجعلها ثاني حاملة طائرات أمريكية في المنطقة.