كيف اخترقت إسرائيل الداخل الإيراني؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إن الحرب الإسرائيلية مع إيران لم تكن مجرد قرار مفاجيء أو لحظي، أو قرار خضع لتقديرات موقف حديثة، وإنما هو قرار جاء مدروسًا بعناية وبمحطات وخطوات زمنية ممنهجة، بدأت بتقليم أظافر طهران، وتجريدها من أدوات الضغط التقليدية من ميليشياتها وتهديداتها، ضمن المعادلة الإسرائيلية لـ "تصفير المهدِدات"، فى مساعٍ إسرائيلية لاستغلال الدعم الأمريكى المفتوح لها واستثمار "لحظة التفوق الإسرائيلية"، وهو ما مهد بالانتقال إلى الهدف الاهم وهو الهجوم على إيران.

وهنا يجب الوقوف عند تقرير نيويورك تايمز الذى أفرد مساحات للحديث عن الاستهداف الإسرائيلى والخرق الاستخباراتى لإيران، وتبرز أهم معالمه فى عدة ملاحظات أساسية ومهمة؛ وهو ما يؤكد أن هذا الاستهداف المبكر لإيران كان محاطًا بعدد من الجهود الاستخباراتية لاختراق أمنى وعسكرى واستخباراتى لإيران، وهو ما أدى إلى القيام بضربة أولى متزامنة استطاع فيها ضرب عدد من الأهداف العسكرية، تعطيل أنظمة عمل الدفاع الصاروخية عبر عملاء وجواسيس، استهداف متزامن لعدد من القيادات العسكرية والعلماء النووين، وهو ما يضغ علامات استفهام للقيام بتلك العملية بشكل مشابه لمعركة البيجر مع حزب الله.

لكن يوجد أساس لتلك العمليات الإسرائيلية متمثل فى حشد المخابرات الإسرائيلية كل ما هو متاح لها، من الهواتف المُخترقة إلى الأقمار الصناعية التجارية، ومن مستودعات الطائرات بدون طيار السرية إلى الأسلحة المصغرة المُخبأة فى المركبات المدنية. كان هدفهم المشترك: بناء بنك أهداف شامل وتنفيذ عملية "صدمة ورعب" دمرت دفاعات إيران قبل أن تتمكن من الرد.

سعت الاستخبارات الإسرائيلية إلى التواصل مع مسؤول تنفيذى فى شركة اتصالات إسرائيلية المساعدة فى تصميم هاتف أندرويد عادى ظاهريًا، قادر على نقل بيانات مشفرة مُموّهة على أنها بيانات من مواقع التواصل الاجتماعي، وفى نفس الوقت استطاعت تل أبيب توظيف جندى احتياطى فى شركة لتكنولوجيا الصحة لتطوير خوارزمية تُمكّن من التمييز بين شاحنات وقود الصواريخ وناقلات البنزين العادية عبر صور الأقمار الصناعية، وهو أمر بالغ الأهمية لرسم خرائط البنية التحتية لإطلاق الصواريخ فى إيران.

لقد استثمرت إسرائيل ملايين الدولارات وسنوات من الجهود من الاستخبارات العسكرية (أمان) والموساد، قامت خلالها بربط آلاف المصادر وتدفقات البيانات، وبحلول أوائل عام ٢٠٢٥، أصبح لديها بنكٌ مكتظٌ بالأهداف الاستراتيجية جاهزًا للعمل.

ركزت الضربة الافتتاحية على أربعة أنواع رئيسية من الأهداف خلال دقائق معدودة: كبار القادة العسكريين، ومنظومات الدفاع الجوى حول المواقع الاستراتيجية، وأجزاء من منشأتين نوويتين كبيرتين، ومواقع إطلاق صواريخ فى غرب إيران كانت تشكل تهديدًا فوريًا للرد؛ بهذه الطريقة، استفادت إسرائيل من عنصر المفاجأة، وحقق أهداف متعددة. نستطيع القول أن الحرب الحديثة هى حرب، حتى وإن كانت بشكل تقليدى وكلاسيكي، تعتمد على الأسلحة والقدرات العسكرية، لكن يسبقها، وهى محاطة، بأدوات أكثر عمقًا وتأثيرًا تعتمد على القدرات الاستخباراتية، وتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والاتصالات، وغيرها من الأدوات القادرة على تغيير المشهد بشكل كبير، وهو ما يجب أن تنتبه له كل الجهات المعنية فى دولنا العربية، لأن إسرائيل تمارس قدر كبير من الجهد الاستخباراتى وتوظيف التكنولوجيا لتحقيق خرق للحصول على المعلومات وبنوك الأهداف، وهو ما يض مسؤولية كبيرة خلال الفترة القادمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إعلام عبري: حكومة إيران تحكم قبضتها جيدًا.. وروسيا تحذر من كارثة نووية
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل