الجمعة 20/يونيو/2025 - 12:11 م 6/20/2025 12:11:21 PM
مازال هناك سؤال رئيسي يدور في ذهن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هذه الأيام، كما يقول مستشاروه: إذا انضمت الولايات المتحدة إلى حرب إسرائيل وأسقطت قنابلها الخارقة للتحصينات الضخمة، فهل ستدمر فعليا المنشأة النووية الأكثر تحصينًا في إيران، مفاعل (فوردو)؟.. إن الشكوك التي عبر عنها ترامب يوم الأربعاء الماضي، بشأن يقين نجاح هذه الضربة، هي أحد الأسباب التي جعلته لا يزال يتساءل، عما إذا كان عليه المضي قدمًا في الضربة.. ويريد ترامب التأكد من أن مثل هذا الهجوم ضروري حقًا، ولن يجر الولايات المتحدة إلى حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط.. والأهم من ذلك كله، سيحقق بالفعل هدف تدمير البرنامج النووي الإيراني، أو كما يقول المسئولون الأمريكيون، (نعتقد أن الرئيس ليس مقتنعًا بعد بضرورة ذلك).
إذا دخل ترامب الحرب، فمن شبه المؤكد أنه سيهدف إلى تدمير موقع (فوردو) لتخصيب اليورانيوم، الذي بني في جبل جنوب طهران.. إنه على رأس قائمة أهداف إسرائيل.. لكن إسرائيل تفتقر إلى القنابل الخارقة للتحصينات، التي يبلغ وزنها ثلاثين ألف رطل، اللازمة لتدميره جوًا، بالإضافة إلى قاذفات بي-2 التي تحملها.. ومع أن ذلك ضمن قدرات الولايات المتحدة، إلا أن المسئولين الإسرائيليين يخشون من أن نجاة منشأة (فوردو) من الحرب، سوف تعني نجاة البرنامج النووي الإيراني أيضًا.. لكن ترامب قال ردًا على سؤال، عما إذا كان يعتبر تدمير (فوردو) ضروريًا، (نحن الوحيدون القادرون على ذلك، لكن هذا لا يعني أنني سأفعله.. لقد سألني الجميع عن ذلك، لكنني لم أتخذ قرارًا بعد).. وخلف الكواليس، قال مسئول أمريكي، إن ترامب سأل مستشاريه العسكريين على وجه التحديد، عما إذا كانت القنبلة الخارقة للذخائر الضخمة MOP قادرة على تدمير موقع (فوردو)، وأبلغه مسئولو البنتاجون بثقةٍ في ذلك.. لكن ليس من الواضح ما إذا كان ترامب مقتنعًا تمامًا.، إذ لم يتم استخدام القنابل العنقودية الذهبية مطلقًا في ساحة المعركة، على الرغم من أنها خضعت لعدة اختبارات أثناء التطوير، حسبما يقول مسئولون أمريكيون حاليون وسابقون.
(ستنجح القنبلة الخارقة للتحصينات.. المسألة ليست مسألة قدرات.. لدينا القدرة.. ولكن هناك خطة متكاملة لهجوم محتمل.. الأمر لا يقتصر على إسقاط قنبلة خارقة للتحصينات وإعلان النصر)، هذا ما قاله مسئول أمريكي رفيع المستوى، (الهدف النهائي بالنسبة لنا بسيط: لا سلاح نووي لإيران.. قد يكون الأمر مختلفًا بالنسبة للإسرائيليين.. وسنكون مستعدين، إذا كان ذلك معقولًا، للذهاب إلى هناك وتنفيذ ضربة دقيقة ربما، إذا لزم الأمر.. وإذا اعتبرها الرئيس منطقية وفعالة).. إلا أنه على الجانب الآخر: يعتقد المسئولون الإسرائيليون، أن ترامب سيقرر لصالح توجيه ضربة أمريكية، لكنهم يزعمون أن هذه الضربة قد تتسبب في أضرار جسيمة لمنشأة (فوردو)، حتى لو أجبروا على القيام بذلك بمفردهم.. وقد ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والسفير الإسرائيلي في واشنطن، يحيئيل ليتر،في إلى أن قوات الدفاع الإسرائيلية لديها خيارات تتجاوز مجرد الضربات الجوية.
قد تكون إحدى هذه العمليات غارة كوماندوز محفوفة بالمخاطر.. فقد نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية مثل هذه العملية في سبتمبر الماضي، وإن كان على نطاق أضيق، عندما دمرت مصنعًا للصواريخ تحت الأرض في سوريا، بزرع وتفجير عبوات ناسفة.. والآن، بعد أن سيطرت إسرائيل بشكل كامل على المجال الجوي الإيراني، ووجهت ضربة للجيش الإيراني، فإن هذا الخيار يبدو أقل تطرفًا مما كان ليكون عليه في ظروف أخرى.. وأبلغ الإسرائيليون إدارة ترامب، أنه في حين أنهم قد لا يتمكنون من الوصول إلى عمق كاف في الجبل بالقنابل، فإنهم قد (يفعلون ذلك باستخدام البشر)، خصوصًا وأنه في الأيام الأخيرة، وبينما كان ترامب يفكر فيما إذا كان سينضم إلى الحرب، واصل مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، التواصل مباشرة مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بشأن إحياء التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني.
نواصل طرح الأمر.. دعونا نتحدث، لأن الأمل يتجدد مع الأيام، يقول ستيف ويتكوف، (تلقيت اتصالًا.. إنهم مهتمون ـ أي إيران ـ بالتحدث).. بينما يجتمع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، إلى جانب مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي مع عراقجي، في جنيف اليوم الجمعة.. وقد تحدث مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، هاتفيا أول أمس، مع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، وأبلغه بالاجتماع المخطط له مع نظيره الإيراني.. بينما عقد ترامب في نفس اليوم، اجتماعًا آخر في غرفة العمليات، مع فريقه الأعلى للأمن القومي، بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران، بعدها قال مسئول أمريكي، إن (صبر الرئيس ينفد مع كل دقيقة تمر.. الوقت يمر بسرعة كبيرة بالنسبة لإيران، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة).. وقال ترامب للصحفيين قبل الاجتماع، إنه لم يحسم أمره بعد بشأن شن ضربة ضد إيران، وأكد أنه لم يغلق الباب أمام الحل الدبلوماسي، مع وجود مؤشرات على استعداد الإيرانيين للتفاوض، في وقت يعتقد فيه ترامب، أن الحفاظ على الغموض بشأن قراراته، من شأنه أن يزيد الضغوط على إيران.. قال (لدي أفكار، لكنني أفضل اتخاذ القرار في اللحظة الأخيرة).
●●●
يبدو الهجوم على مفاعل (فوردو) جراحيًا للغاية، ودقيقًا للغاية، وهو بالضبط نوع الهجوم الجوي الذي لا يمكن إلا للقوات الجوية الأمريكية تنفيذه.. تُقلع سلسلة من قاذفات بي-2 من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، أو من جزيرة دييجو جارسيا في المحيط الهندي.. بعد تزويدها بالوقود جوًا، تتجه نحو جبل ناءٍ في شمال وسط إيران، بعيدًا عن المدنيين، حيث تُصوّب قنابلها نحو أخطر موقع نووي إيراني محصن.. تقوم بإسقاط قنابلها الخارقة للتحصينات العملاقة، التي يبلغ وزنها ثلاثين ألف رطل، واحدة تلو الأخرى، مما يؤدي إلى إحداث حفرة عملاقة في قاعات أجهزة الطرد المركزي، التي كانت تحت عين الجيش الأمريكي، منذ كشف الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وزعماء بريطانيا وفرنسا،عن وجود المصنع في خريف عام 2009، متهمين إيران بـ (الخداع) الكبير.
نادرًا ما خضعت عمليات محتملة، باستثناء غزو صيني لتايوان، لمثل هذه الدراسة والتدرب والنقاش.. ويرى الخبراء العسكريون والجيولوجيون، أن الأمر قابل للتنفيذ من الناحية الفنية.. ومع ذلك، فالخطوة مليئة بالمخاطر.. مجهولات معروفة ومجهولة، كما اعتاد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دونالد رامسفيلد، أن يقول في سياق حرب العراق، وهي جحر أرنب آخر للعمل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.. ولهذا السبب، وقف كل رئيس أمريكي متأملًا فيما حدث بالعراق، على مدى السنوات الست عشرة الماضية.. ومع ذلك، يؤكد ترامب، أنه لم يتخذ قرارًا بعد بشأن التخلي عما وصفه سرًا بـ (الخطوة الكبرى).. لكن النبرة العدائية التي اتسمت بها تصريحاته العلنية في يوم سابق اختفت، وحل محلها تحذير.. قال للصحفيين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، (قد أفعل ذلك.. قد لا أفعله.. أعني، لا أحد يعلم ما سأفعله).
في هذه الأثناء، بدا أن الإيرانيين، يبحثون عن مخرج.. أصدر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، ردًا حازمًا على دعوة ترامب إلى (استسلام غير مشروط)، لكن ترامب قال إن هناك مؤشرات على رغبة الإيرانيين في الحوار، وتقارير عن هبوط طائرة إيرانية رسمية في عُمان، حيث جرت العديد من المفاوضات مع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس، قبل الهجوم الإسرائيلي.. وإذا كان ترامب يتردد، فقد يكون ذلك لأن قائمة الأمور التي قد تسوء طويلة، وربما غير مكتملة.. هناك أمر بديهي: من الممكن إسقاط طائرة بي-2، رغم نجاح إسرائيل في تدمير العديد من الدفاعات الجوية الإيرانية.. ومن المحتمل أن تكون الحسابات خاطئة، فحتى أكبر قنبلة تقليدية أمريكية لا تستطيع الوصول إلى هذا العمق في (فوردو) الإيراني، الذي يقول عنه رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، (لقد كنت هناك، إنه على عمق نصف ميل تحت الأرض).
لكن بافتراض نجاح العملية نفسها، قد تكمن أكبر المخاطر في أعقابها، كما يقول العديد من الخبراء، تمامًا كما حدث في أفغانستان والعراق.. هناك دروس كثيرة من تلك الحقبة القبيحة من السياسة الخارجية الأمريكية الخاطئة، لكن أهمها ربما، (هو أن المجهول المجهول قد يعود ليؤذينا).. لقد تعهدت إيران بالرد في حال تعرضها لهجوم من القوات الأمريكية، مستهدفةً على الأرجح القواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط، والعدد المتزايد من القوات المتجمعة في الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط.. جميع هذه القواعد في مرمى الصواريخ، بافتراض أن إيران ستحتفظ بصواريخ ومنصات إطلاق، بعد أن ينتهي الإسرائيليون من استهدافهم الممنهج.. وبطبيعة الحال، فإن هذا من شأنه أن يبدأ دورة من التصعيد: فإذا قُتل أو حتى جُرح أميكييون، فسوف يكون ترامب تحت ضغط للانتقام.
كتب دانيال كورتزر، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، وستيفن سيمون، العضو المخضرم في مجلس الأمن القومي، في مجلة Foreign Policy، (إن إسناد مهمة (فوردو) من الباطن، لواشنطن، سيضع الولايات المتحدة في مرمى نيران إيران.. ومن شبه المؤكد، أن إيران سترد بقتل أمريكيين.. وهذا بدوره سيجبر الولايات المتحدة على الرد بالمثل.. قريبًا بما فيه الكفاية، فإن الأهداف الوحيدة المتبقية لواشنطن لضربها، ستكون قادة النظام الإيراني، وستعود الولايات المتحدة مرة أخرى إلى عملية تغيير النظام، وهي عملية لم يعد يرغب سوى عدد قليل للغاية من الأمريكيين في الانخراط فيها).. وقد يتخذ رد الفعل أشكالًا أخرى.. فإيران بارعة في الإرهاب، وقد ردّت على الهجوم الإليكتروني الأمريكي ـ الإسرائيلي على برنامجها النووي قبل خمسة عشر عامًا، ببناء فيلق إليكتروني مرعب، ليس بخفية الصين أو بجرأة روسيا، ولكنه قادر على إحداث أضرار جسيمة.. كما أن لديها وفرة من الصواريخ قصيرة المدى لمهاجمة ناقلات النفط، مما يجعل عبورها الخليج العربي محفوفًا بالمخاطر.
آخر ما يرغب البيت الأبيض بفعله، هو كشف هذه المخاطر علنًا.. يطالب الديمقراطيون بدور للكونجرس، لكنهم لا يملكون سلطة فرضه.. صرّح السيناتور آدم شيف من كاليفورنيا، وأحد المنافسين السياسيين لترامب، (نظرًا لاحتمالية التصعيد، يجب إشراكنا في هذا القرار.. قصف (فوردو) سيكون عملًا هجوميًا).. وكما هو الحال مع أغلب الأنشطة الهجومية، فإن هناك مخاطر طويلة الأمد، تتجاوز دورة الهجوم والانتقام.. وبالفعل، ربما تكون رسالة الأيام الماضية، كما فسّرها القادة الإيرانيون أو غيرهم من ذوي الخبرة النووية، أنه كان ينبغي عليهم السعي للحصول على قنبلة نووية في وقت أبكر، وبطريقة أكثر سرية.. هذا ما فعلته كوريا الشمالية، وانتهى بها الأمر الآن بامتلاك ستين سلاحًا نوويًا أو أكثر، رغم سنوات من الدبلوماسية الأمريكية وعمليات التخريب لوقفها.. إنها ترسانة ضخمة بما يكفي لضمان أن يُعيد خصومها، كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، النظر في تنفيذ عملية كتلك التي نفذتها إسرائيل ضد إيران.. ويشير التاريخ، إلى أن البرامج النووية يمكن قصفها، ولكن لا يمكن القضاء عليها.
هذا اعتبار مهم لرامب.. عليه أن يقرر في الأيام القليلة المقبلة، ما إذا كانت هجمات إسرائيل على منشأة نطنز الإيرانية للتخصيب، وقصفها للمعامل التي تُصنع فيها أجهزة طرد مركزي جديدة، والمختبرات التي يُحتمل أن تُجرى فيها أبحاث الأسلحة، كافية لعرقلة البرنامج الإيراني.. باختصار، يتعين عليه أن يقرر ما إذا كان الأمر يستحق المخاطرة الهائلة المتمثلة في التدخل الأمريكي المباشر، من أجل أي مكسب قد يأتي من تدمير (فوردو) باستخدام الطيارين الأمريكيين والطائرات الحربية والأسلحة الأمريكية.. لكنه أيضًا لا يريد أن يُتهم بإضاعة فرصة إرجاع الإيرانيين سنوات إلى الوراء، (إذا انتهت هذه الحرب وبقيت (فوردو) على حالها، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لإعادة الأمور إلى نصابها).
لم يُناقش ترامب هذه الأسئلة علنًا، ومن الصعب دائمًا معرفة كيفية تقييمه للأدلة.. استشاط غضبًا مؤخرًا، على متن طائرة الرئاسة، عندما أشار إليه أحد المراسلين، أن مديرة الاستخبارات الوطنية في إدارته، تولسي جابارد، أدلت بشهادة في الكونجرس قبل بضعة أشهر فقط، مفادها أن إيران لم تتخذ أي قرار بإنتاج قنبلة، حتى مع زيادة إنتاجها من الوقود.. وأصر على أنه لم يتبق الكثير من الوقت، رغم أنه لم يستشهد بأي دليل يتناقض مع ما قاله رئيس استخباراته.
●●●
في أحدث تقرير لها، قالت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، أن ترامب اعتمد خطط وإجراءات توجيه ضربة لمفاعل (فوردو)، في الوقت الذي أعدت إيران صواريخ ومعدات عسكرية أخرى، لضرب قواعد أمريكية في الشرق الأوسط، إذا انضمت الولايات المتحدة إلى حرب إسرائيل ضدها، بعدما أرسلت واشنطن نحو ثلاثين طائرة للتزود بالوقود إلى أوروبا، والتي يمكن استخدامها لمساعدة الطائرات المقاتلة التي تحمي القواعد الأمريكية، أو التي يمكن استخدامها لتوسيع مدى القاذفات المشاركة في أي ضربة محتملة على المنشآت النووية الإيرانية.. يتزايد القلق بين المسئولين الأمريكيين من اندلاع حرب أوسع نطاقًا، في ظل ضغط إسرائيل على البيت الأبيض للتدخل في صراعها مع إيران.. وقال المسئولون، إنه إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الحملة الإسرائيلية، وهاجمت منشأة (فوردو) النووية الإيرانية الرئيسية، فمن شبه المؤكد أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران ستستأنف قصف السفن في البحر الأحمر، وأن الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا ستحاول على الأرجح مهاجمة القواعد الأمريكية هناك.. وقال آخرون، إنه في حالة وقوع هجوم، فإن إيران قد تبدأ في زرع ألغام في مضيق هرمز، وهو تكتيك يهدف إلى تثبيت السفن الحربية الأمريكية في الخليج العربي.
وضع القادة الأمريكيون قواتهم في حالة تأهب قصوى، في القواعد العسكرية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والأردن والمملكة العربية السعودية، حيث للولايات المتحدة أكثر من أ{بعين ألف جندي منتشرين في الشرق الأوسط.. واعترف مسئولان إيرانيان، بأن بلادهما ستهاجم القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، بدءًا بالعراق، إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب مع إسرائيل، وستستهدف أيضًا أي قواعد أمريكية موجودة في الدول العربية وتشارك في هجوم عليها.. كما قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، (على أعدائنا أن يعلموا أنهم لن يتمكنوا من التوصل إلى حل بالهجمات العسكرية علينا، ولن يتمكنوا من فرض إرادتهم على الشعب الإيراني).. وأبلغ عراقجي نظراءه الأوروبيين في محادثات هاتفية، أنه في حال امتداد الحرب، فإن اللوم سيكون على إسرائيل وداعميها الرئيسيين.. ويرى مسئولون أمريكيون، إن إيران لن تحتاج إلى تحضيرات كبيرة لمهاجمة القواعد الأمريكية في المنطقة، إذ يمتلك الجيش الإيراني قواعد صاروخية تقع ضمن نطاق إصابة سهل، في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة.. وقد زادت احتمالات انضمام القوات الأمريكية إلى الحرب في الأيام الأخيرة مع استمرار إسرائيل في حملتها، وإطلاق إيران موجات من الصواريخ على إسرائيل ردًا على ذلك.
وليس من الواضح مدى الضرر الذي ستُلحقه ضربة على (فوردو) بالقدرات النووية الإيرانية، أو إلى متى ستُؤخر تطوير سلاح نووي.. كما أن مخزون إيران الحالي من اليورانيوم المُخصّب مُخبأ في أنفاق بمواقع مختلفة في البلاد.. هذا يدفعنا إلى الالتفات إلى ماقاله حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر في المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية، لمجلة نيوزويك، من إن طهران تأخذ (على محمل الجد بشكل متزايد) احتمالات التدخل الأمريكي المباشر، وبعد ذلك (ستكون كل الرهانات ملغاة).. إذ بينما يقول ترامب، إنه يريد (نهاية حقيقية) للصراع، فإن إيران تنظر إلى دعواته لإنهاء الحرب باعتبارها تكتيك خداع محتمل، مما يزيد من القلق بشأن فرص التدخل العسكري.. وفي ذلك ثلاثة احتمالات.
قالت إسرائيل إنها تتمتع بتفوق جوي كامل فوق طهران، وإنها دمرت أكثر من مائة وعشرين منصة لإطلاق الصواريخ أرض ـ أرض في وسط إيران، وهو ما يمثل ثلث ترسانتها الإجمالية.. هذه الهيمنة الإسرائيلية على المجال الجوي الإيراني، والضربات المستمرة لمنصات إطلاق الصواريخ، حالت دون رد إيران بالشدة التي أرادتها.. لكن طهران تُجري أيضًا حسابات استراتيجية للحفاظ على ما يكفي من ترسانتها الصاروخية في حال التدخل الأمريكي المباشر، لتكون مستعدة لحرب موسعة.. وتدير الولايات المتحدة مواقع عسكرية في تسعة عشر موقعًا على الأقل في الشرق الأوسط، ثمانية منها قواعد دائمة تقع في البحرين والعراق والأردن والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتستضيف ما بين أربعين ألفًا وخمسين ألف فرد.. وحتى الآن، يبدو أن طهران بذلت جهودًا متعمدة للامتناع عن مهاجمة القوات أو القواعد الأمريكية، من خلال تنفيذ ضربات محدودة بطائرات بدون طيار على بعض القواعد في العراق والتي، كانت بمثابة تحذير أكثر من كونها مشاركة فعلية.
لكن دخول الولايات المتحدة في الصراع بشكل مباشر، سوف ينظر إليه، ليس فقط باعتباره تهديدًا للنظام الإيراني، بل للدولة الإيرانية أيضُا، وذلك بسبب إمكانية إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية الحيوية.. يمكننا بعد ذلك أن نتوقع مجموعة من الإجراءات الانتقامية، بدءًا من الهجمات على القواعد الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، إلى جهود أوسع نطاقًا لتعطيل إنتاج النفط ونقله، بما في ذلك ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ مضيق هرمز، الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي وما وراءه، فضلًا عن طريق الشحن الحيوي عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.. ومن الممكن أيضًا البدء في أشكال أخرى من العمليات التخريبية، لأن هذا من شأنه أن يُنظر إليه على أنه معركة وجودية للنظام.
قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الإيراني، إسماعيل كوثري، إن إغلاق مضيق هرمز بين الخليج العربي وخليج عمان، والذي يمر عبره نحو خمس نفط العالم، أمر قيد الدراسة الجدية.. ذلك أدى إلى مخاوف في مجتمع مالكي السفن، كما يؤكد جاكوب لارسن، كبير مسئولي السلامة والأمن في مجلس بحر البلطيق والملاحة البحرية الدولي، رغم إفادة السلطات الأمريكية، أنه حتى يوم الاثنين الماضي، لم تكن هناك أي مؤشرات على وجود تهديد من إيران للسفن التجارية، باستثناء السفن المرتبطة بإسرائيل.. لكن، في حال استمرار تصاعد الضغوط على إيران وتزايد التدخل الأمريكي المباشر، فقد تُوسّع إيران نطاق تهديداتها للسفن التي لا ترتبط بإسرائيل، و(القوات الإيرانية تتمتع بمهارات عالية في الحرب غير المتكافئة، واستعدت لعقود لسيناريو يتضمن هجمات ضد الشحن عبر مضيق هرمز والمياه المجاورة.. إيران قادرة على البدء في مهاجمة الشحن دون سابق إنذار تقريبًا، وبالتأكيد أسرع من الوقت الذي تستغرقه السفينة للإبحار عبر مضيق هرمز).. والرابط الحاسم أيضًا، هو مضيق باب المندب.، البوابة إلى البحر الأحمر وقناة السويس ـ بين جيبوتي في إفريقيا واليمن، ويبلغ عرضها حوالي خمسة عشر ميلًا فقط في أضيق نقطة ـ حيث يمكن للحوثيين، الذين تسيطر عليهم إيران، مضاعفة هجماتهم الصاروخية ضد حركة المرور البحرية التجارية، مع عواقب كبيرة على سلاسل التوريد.
ومع أن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تجنب حتى الآن الإشارة بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة، لأنه لا يزال يأمل في (خداع واشنطن بالدبلوماسية الزائفة)، إلا أنه إذا ما تفاقم الوضع، فإن النظام الإيراني سيشن هجومًا متعدد الأطراف، يشمل إطلاق الصواريخ وضربات بالطائرات المسيرة ضد أهداف أمريكية في المنطقة.. وستطلق طهران أيضًا ميليشيات (محور المقاومة) في المنطقة، بالإضافة إلى خلايا نائمة تابعة لوزارة الاستخبارات والحرس الثوري الإسلامي، (لتنفيذ هجمات إرهابية واحتجاز أمريكيين رهائن).. وعناصر المحور هؤلاء، قد ينفذون ضربات بطائرات مسيرة وصواريخ ضد القواعد الأمريكية في المنطقة أيضًا.. وقد تنهي الأعمال العدائية وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين المتفق عليه في مايو الماضي، وإن إيران قد تستغل شبكتها من الحوثيين في المنطقة لمهاجمة السفن والقوارب التي تعبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب.. واستنادًا إلى سلوكها الأخير، فإن إيران قد تستهدف أيضًا القواعد والقوات والسفارات الأمريكية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وهو ما قد يفسره ترامب على أنه وسيلة للمواجهة المباشرة.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.