- لم نستخدم كامل قدراتنا وضرباتنا ستتواصل وعلى الإسرائيليين مغادرة المدن
- إسرائيل وصلت إلى حدود قدراتها وهى عاجزة عن خوض حرب شاملة
قال الكاتب والخبير الإيرانى، سعيد شاوردى، إن الهجوم الإسرائيلى على بلاده يمثل خرقًا للقانون الدولى وعدوانًا على دولة ذات سيادة، مؤكدًا أن أى انخراط عسكرى أمريكى فى الهجوم على إيران، خاصة على منشآتها النووية، قد يقود إلى كارثة إقليمية شاملة لا يمكن احتواؤها.
وأضاف «شاوردى»، فى حوار مع «الدستور»، أنه إذا كان هناك قانون دولى حقيقى، فرئيس وزراء الاحتلال يجب أن يُحاكم كمجرم حرب، محذرًا من أن إيران لم تستخدم حتى الآن كامل قدراتها.
وشدد على أن الضربات العسكرية الإيرانية ضد إسرائيل ستستمر، ما لم يتوقف عدوان الصهاينة على بلاده، مطالبًا الإسرائيليين بمغادرة الأراضى المحتلة لأن الحياة تحت الصواريخ مستحيلة.
كما طالب الدول العربية والإسلامية بأن تتكاتف وتواجه الولايات المتحدة، لأن الحرب الحالية ستؤثر على الجميع دون استثناء.
■ بداية.. كيف ترى الهجوم الإسرائيلى على إيران؟
- الهجوم الإسرائيلى على إيران يمثل خرقًا فاضحًا للقانون الدولى وعدوانًا سافرًا على دولة ذات سيادة، دون أى مبرر قانونى أو أمنى.
ما حدث يعتبر جريمة مكتملة الأركان؛ فقد جرى استهداف المدنيين فى بيوتهم، إلى جانب اغتيال علماء فى المجال النووى السلمى وقيادات عسكرية بارزة.
إسرائيل اختارت طريق العدوان، مستندة إلى اتهامات غير مثبتة يروج لها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى بات يهدد أمن المنطقة بأكملها عبر جرّها إلى صراع شامل.. هذا الهجوم يستهدف كسر هيبة إيران، ويفتح أبواب التصعيد.
الرد الإيرانى بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مواقع داخل إسرائيل، منها تل أبيب وحيفا، جاء ضمن حق الدفاع المشروع عن النفس، واستهدف مقرات عسكرية وأمنية من بينها مراكز تابعة للموساد.
وأرى أن استمرار هذا المسار الخطير قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة إقليمية واسعة، وأطالب المجتمع الدولى بتحمل مسئوليته فى محاسبة المسئولين عن هذا العدوان، على رأسهم بنيامين نتنياهو، الذى لا يزال يفلت من العقاب رغم تورطه فى مقتل آلاف المدنيين فى غزة.
إذا كان هناك قانون دولى حقيقى، فنتنياهو يجب أن يُحاكم كمجرم حرب، سواء عن عدوانه على إيران أو عن المجازر التى ارتكبها فى فلسطين.
■ ما السيناريوهات العسكرية المتوقعة؟
- أى انخراط عسكرى أمريكى مباشر فى الهجوم على إيران، خاصة على منشآتها النووية، قد يقود إلى كارثة إقليمية شاملة لا يمكن احتواؤها بسهولة.
وفى حال توقف العدوان الإسرائيلى، قد نشهد تهدئة مشروطة، وعودة تدريجية للأوضاع لما كانت عليه قبل الضربة الأولى، ولكن إذا استمرت الاعتداءات، فإن الرد الإيرانى لن يظل على النمط التقليدى، بل من المتوقع أن تستخدم طهران ترسانة غير مُعلنة من الصواريخ والأسلحة، وتوسّع نطاق الاستهداف ليشمل عمق الأراضى الإسرائيلية بشكل أكثر إيلامًا.
إيران لم تستخدم حتى الآن كامل قدراتها، لكن السيناريو الأخطر يتمثل فى تدخل أمريكى مباشر، وتحديدًا فى حال قررت واشنطن استهداف منشآت نووية مثل فوردو أو نطنز.
أى هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيعنى تلوثًا إشعاعيًا واسع النطاق، وسقوط عدد لا يُحصى من الضحايا المدنيين، وقد يُدخل الشرق الأوسط فى مرحلة من الفوضى.
هذا السيناريو قد يدفع طهران إلى تغيير قواعد الاشتباك بالكامل، والانتقال إلى ضربات غير تقليدية تستهدف البنية التحتية الحيوية لإسرائيل، وربما ما هو أبعد من ذلك.
■ كيف نجحت إسرائيل فى إلحاق هذا الكم من الخسائر بإيران؟
- الهجوم الإسرائيلى الأخير على طهران كان ضربة غادرة جاءت فى توقيت محسوب بدقة لإفشال مسار دبلوماسى كان يتشكل بين إيران والولايات المتحدة، والضربة لم تكن متوقعة على الإطلاق، وجاءت فى ظل أجواء من الهدوء الأمنى داخل البلاد.
كان هناك تصوّر سائد فى الأوساط الإيرانية بأن جولة جديدة من المفاوضات مع واشنطن ستُعقد قريبًا فى العاصمة العمانية مسقط، ولم يكن أحد يتخيل أن المجرم بنيامين نتنياهو سيختار هذا التوقيت تحديدًا لتوجيه ضربة مباشرة لإيران.
الهجوم كشف عن ثغرات أمنية داخل إيران.. ربما حالة الاستقرار التى عشناها خلال السنوات الماضية جعلت بعض الأجهزة الأمنية تتراخى فى تطبيق الإجراءات الوقائية، وهو ما استغلته إسرائيل بشكل خطير.
■ هل ستستمر إيران فى ضرب إسرائيل؟
- سنستمر فى الضربات العسكرية ضد إسرائيل، ما لم يتوقف العدوان الإسرائيلى على الأراضى الإيرانية، وعلى الإسرائيليين أن يغادروا تل أبيب وحيفا والمدن المحتلة الأخرى، لأن استمرار الحياة فيها أصبح مستحيلًا تحت وقع الضربات الصاروخية.
■ ما توقعاتك بشأن هجمات إسرائيل المقبلة على إيران؟
- إسرائيل وصلت إلى حدود قدرتها العسكرية فى مواجهة إيران. تل أبيب عاجزة عن خوض حرب واسعة النطاق أو شاملة ومدمّرة ضد الجمهورية الإسلامية.
الضربات الإسرائيلية الأخيرة ليست سوى محاولات محدودة ذات طابع استعراضى، والإسرائيليون يسعون إلى تضخيم حجم عملياتهم لأهداف سياسية وإعلامية أكثر منها عسكرية، لكن الواقع مختلف تمامًا.
ما نراه من استهدافات إسرائيلية لمقرات مثل الإذاعة والتليفزيون فى إيران، لا يرقى إلى مستوى الأهداف الاستراتيجية، هذه أماكن مدنية، لا تضم سوى مراسلين وصحفيين، ولا تحمل أى قيمة عسكرية تؤثر على البنية الدفاعية لإيران.
أغلب الطائرات الإسرائيلية لا تدخل الأجواء الإيرانية بشكل مباشر، بل تطلق صواريخها من خارج الحدود، تحديدًا من أجواء العراق وتركيا وأذربيجان، ما يدل على أن إسرائيل تدرك حجم المخاطرة إن هى اخترقت الأجواء الإيرانية مباشرة.
■ ما توقعاتك لنتائج هذا التصعيد على المنطقة العربية؟
- التصعيد الجارى بين إيران وإسرائيل يشكل خطرًا جسيمًا على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى الإيرانية من شأنه أن يؤدى إلى تداعيات كارثية يصعب احتواؤها.
ما يجرى حاليًا ليس مجرد تصعيد عسكرى متبادل، بل هو نتيجة مباشرة لعدوان إسرائيلى صارخ على إيران، أشعل شرارة المواجهة، ومن الإنصاف القول إن طهران تمارس حقها فى الدفاع عن النفس، فى مواجهة اعتداءات لم تبدأها هى، بل فُرضت عليها.
التصعيد، بهذا المعنى، ليس خيارًا إيرانيًا بل فرض إسرائيلى، وهو ما يرفضه معظم دول المنطقة، التى تبذل جهودًا دبلوماسية حثيثة من أجل احتواء الموقف، ووقف الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة.
للأسف، رغم هذه المساعى، لم تُثمر حتى الآن جهود التهدئة، وذلك نتيجة مباشرة للعنجهية الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، والتحريض المستمر من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
ترامب يتعامل مع الملف الإيرانى من منطلق استعلائى، ويظن أن بإمكانه فرض إرادته على الجميع، بينما يمضى نتنياهو فى اتجاه التصعيد، مدفوعًا بأجندة داخلية وخارجية لا تهتم بعواقب الحرب، بل بتسجيل انتصارات دعائية مؤقتة على حساب أمن المنطقة.
العديد من القوى الدولية، بما فى ذلك روسيا والصين ودول حركة عدم الانحياز، إضافة إلى معظم الدول الإسلامية والعربية، ترفض نهج واشنطن وتل أبيب، وتؤكد تمسكها بخيار التهدئة والحلول السياسية.
الوضع الحالى لا يمكن أن يستمر دون أن تتخذ القوى الفاعلة فى الإقليم والعالم موقفًا واضحًا، يحمّل الولايات المتحدة وإسرائيل مسئولية ما قد يحدث، خاصة فى حال تطور الهجمات لتطال منشآت حساسة كمواقع إيران النووية، وهو ما من شأنه أن يشعل فتيل نزاع يمتد إلى عدة دول.
السيناريو الأسوأ ليس بعيدًا، ما لم يتحرك المجتمع الدولى بجدية، وعلى الدول العربية والإسلامية أن توحّد جهودها، وتقول بوضوح للولايات المتحدة: كفى، لأن الكارثة التى تُطبَخ على نار هادئة لن تقتصر على إيران، بل ستحرق المنطقة بأكملها.