«أنياب الأسد فى مواجهة صواريخ الوعد».. «الشرق الأوسط الجديد» بين النووى الإيرانى وخرائط الفوضى الإسرائيلية

فى فجر الثالث عشر من يونيو ٢٠٢٥، اهتزت منطقة الشرق الأوسط على وقع انفجارات مدوية هزت العاصمة الإيرانية طهران، معلنة عن بداية مرحلة جديدة فى الصراع المزمن بين إسرائيل وإيران، صراع طالما ظل محصورًا فى حروب الظل والوكلاء، لكنه اليوم يتخطى الحدود نحو مواجهة مباشرة غير مسبوقة، تنذر تداعياتها بمخاطر متعددة على المنطقة بأكملها، وربما العالم بأسره.

ومع عدم توقع طهران موعد الضربة الاستباقية، التى كانت نتائجها تفوق التوقعات، فى ظل نجاح إسرائيل فى اغتيال ٢٠ من كبار قادة الجيش والحرس الثورى والمؤسسات العسكرية الإيرانية، وعدد من أبرز علماء البرنامج النووى، فإن الرد الإيرانى فتح الباب أمام احتمالات واسعة لتغير المشهد الجيوسياسى للمنطقة بأسرها، الأمر الذى يستدعى النظر فى السيناريوهات المحتملة لتطور هذا الصراع ونتائجه التى قد تغير وجه الشرق الأوسط بأكمله.

 

جمعة سوداء فى طهران.. و3 أهداف أساسية من الضربة الاستباقية الإسرائيلية

 

فى الساعات الأولى من يوم الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥، بدأت إسرائيل عملية «عم كلافى» أو «الأسد الصاعد»، بشن سلسلة ضربات جوية غير مسبوقة استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل إيران.

الخسائر البشرية كانت فادحة، مع الإعلان عن مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى حسين سلامى، ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقرى، وأمير على حاجى زاده قائد القوات الجوفضائية التابعة للحرس الثورى، والجنرال رشيد غلام قائد قاعدة خاتم الأنبياء، وعلى شمخانى مستشار المرشد الإيرانى ومعاون العمليات فى هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والقائد داوود شيخیان قائد الدفاع الجوى فى قوة الجوفضائية التابعة للحرس الثورى، إلى جانب العالمين النوويين فريدون عباسى ومحمد مهدى طهرانجى، وآخرين، فى هجمات استهدفت منازلهم فى طهران.

لذلك، وفى الساعة الثامنة من مساء الجمعة، بتوقيت طهران، أعلن الحرس الثورى الإيرانى عن بدء عملية «الوعد الصادق ٣»، كرد مباشر على الضربات الإسرائيلية، مع إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية، إلى جانب طائرات «شاهد» المسيّرة باتجاه إسرائيل.

تبادل الضربات استمر بين الجانبين، لكن التصعيد برز بشكل كبير ليل الإثنين ١٦ يونيو وصباح الثلاثاء الماضى، ففى منتصف ليل الإثنين تقريبًا، أطلقت طهران ضربة صاروخية هى الأقوى منذ بدء الحرب، شملت أكثر من ١٠ صواريخ باليستية من منصات متعددة داخل إيران، وتركزت الضربات على مدن حيفا وتل أبيب وعسقلان، وأدت لتدمير منشآت حيوية إسرائيلية، من بينها محطة الكهرباء فى حيفا وميناءها، فضلًا عن أحياء سكنية ومنشآت عسكرية فرعية.

الهجوم ترك صدمة حقيقية لدى الحكومة الإسرائيلية التى سارعت إلى إطلاق استغاثات عاجلة للولايات المتحدة، مطالبة بمزيد من الدعم الدفاعى والاستخباراتى لصدّ هجوم صاروخى بهذه الكثافة والدقة، خاصة أن مدينة حيفا كانت على وشك الشلل الكامل، بفعل موجة الانفجارات.

ورغم ذلك، ردت إسرائيل، صباح الثلاثاء، بالإعلان عن اغتيال وتصفية الجنرال على شادمانى، رئيس هيئة الأركان الإيرانى الجديد، الذى عينه المرشد على خامنئى بعد اغتيال رئيس الأركان السابق محمد باقرى قبلها بـ٣ أيام.

وتكشف الضربات الإسرائيلية عن استراتيجية مدروسة تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولها، إضعاف البرنامج النووى الإيرانى، من خلال إحداث تدمير يعطل منشآت التخصيب واغتيال العلماء البارزين، ما يؤخر قدرة طهران على إنتاج سلاح نووى.

أما ثانى الأهداف، فيتمثل فى تقويض قدرات الحرس الثورى العسكرية، عبر استهداف قادته ومخازن أسلحته للحد من نفوذ إيران الإقليمى. وثالثها، إرسال رسالة سياسية إلى طهران وحلفائها بأن إسرائيل لن تتردد فى استخدام القوة العسكرية لحماية مصالحها الاستراتيجية.

وتعكس الأهداف الثلاثة العقيدة العسكرية الإسرائيلية القائمة على «الضربة الاستباقية»، التى تُعد حجر الزاوية فى استراتيجية تل أبيب منذ تأسيسها.

من الناحية السياسية، تسعى إسرائيل من خلال هذه العملية إلى تعزيز صورتها كقوة إقليمية متفوقة على قدرات خصومها فى المنطقة، خاصة بعد الضربات الاستخباراتية التى تلقتها من إيران، مثل كشف وثائق نووية إسرائيلية، كما تهدف إلى استغلال الدعم الأمريكى فى عهد الرئيس الحالى، دونالد ترامب، الذى أبدى تأييدًا ضمنيًا للضربات من خلال تصريحاته التى دعا فيها إيران إلى التفاوض «قبل فوات الأوان».

ومع ذلك، فإن قرار إسرائيل تنفيذ الضربات دون تنسيق علنى مع واشنطن، كما أشارت تقارير دولية وأمريكية، يعكس رغبة تل أبيب فى إثبات استقلاليتها الاستراتيجية، وأنها تستطيع الهجوم بشكل منفرد وإيذاء وتأديب خصومها وتقليم أظافرهم وأذرعتهم العسكرية.

فى المقابل، يشير الواقع إلى أنه مع بدء الرد الإيرانى المتأخر- الذى لم يكن فى البداية على مستوى التوقعات- لم تستطع إسرائيل أن تدافع عن نفسها بشكل منفرد وأن تتصدى لكل الصواريخ الإيرانية، خاصة الفرط صوتية التى استطاعت الوصول لإسرائيل خلال أقل من ١٠ دقائق بعد الإطلاق، وتجاوزت منظومات الدفاع الجوى الإسرائيلية وألحقت أضرارًا ودمارًا وحرائق فى عدة مدن إسرائيلية، أبرزها تل أبيب التى أصبحت فى مرمى النيران الإيرانية. 

وتعكس تلك الاستجابة عقيدة إيران العسكرية القائمة على «الردع بالانتقام»، حيث تسعى طهران إلى إظهار قدرتها على الرد دون الانزلاق إلى حرب شاملة قد تُجهز على نظامها.

 

ترقب فى عدة عواصم «الوكلاء» ينتظرون.. وواشنطن تقدم رِجلًا وتؤخر الأخرى

 

إقناع الولايات المتحدة بالمشاركة فى الحرب يبقى تحديًا لإسرائيل، حيث تفضل إدارة ترامب الضغط الاقتصادى والدبلوماسى على إيران، ومع ذلك، قد يدفع حدوث هجمات إيرانية على قواعد أمريكية فى الخليج- كما هدد وزير الدفاع الإيرانى عزيز ناصر زاده- واشنطن إلى التدخل المباشر، خاصة إذا تضررت مصالحها النفطية.

إسرائيل، من جانبها تحاول العمل على استغلال هذا السيناريو من خلال استهدافها حقل بارس الجنوبى للغاز الطبيعى ومستودعات النفط فى طهران ومنشآت نفطية إيرانية، لتصوير الحرب كجزء من مواجهة عالمية ضد «الإرهاب الإيرانى» الذى يستهدف القواعد الأمريكية والغربية، وأيضًا ربما يتطور الأمر لغلق مضيق هرمز الاستراتيجى، الذى يمر عبره نحو ٤٠٪ من إنتاج النفط عالميًا وحوالى ٦٠٪ من إنتاج الغاز الطبيعى.

وعلى وقع هذه الضربات المتبادلة، خرج الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، خلال مشاركته فى قمة الدول السبع فى كندا، بتصريحات نارية مساء الإثنين الماضى، قال فيها: «يجب على الإيرانيين إخلاء طهران فورًا.. لن أسمح لإيران أبدًا بامتلاك سلاح نووى، وإذا لم تتراجع فإن الرد سيكون غير مسبوق».

تلك التصريحات تزامنت مع إرسال البنتاجون تعزيزات بحرية إلى شرق المتوسط، وتحركات ميدانية لغرفة عمليات البيت الأبيض مع فريق الأمن القومى، وسط تقارير استخباراتية عن رصد نشاط متزايد لقوات إيرانية قرب مضيق هرمز.

وبالنسبة لإيران، فإن الخيارات محدودة ولكنها حاسمة، فلحماية برنامجها النووى قد تلجأ طهران إلى نقل مخزون اليورانيوم المخصب إلى مناجم سرية، كما أشارت تقارير استخباراتية غربية، ومع ذلك فإن الضغط العسكرى عليها قد يدفعها إلى إعلان امتلاك سلاح نووى علنًا، كوسيلة ردع نهائية، رغم المخاطر الدولية التى قد ينطوى عليها ذلك. 

إقليميًا، يبقى اعتماد إيران على وكلائها، مثل الحشد الشعبى فى العراق والحوثيين فى اليمن، خيارًا متاحًا، لكن ضعف «حزب الله» اللبنانى بعد اغتيال قياداته يحد من فاعلية هذه الاستراتيجية، ولكنه لا يزال خيارًا مطروحًا، خاصة إذا ما وصلت المواجهات الحالية إلى درجة يمكن أن تعتبرها إيران تهديدًا مباشرًا وأخيرًا لبقاء النظام أو مشروعاتها النووية وبرنامجها الصاروخى، فتصل إلى خيار شمشون «على وعلى أعدائى»، وليكن وقتها الانهيار وفتح أبواب الجحيم طريقًا بلا عودة للجميع، وهى خطط كانت قد لوحت بها طهران وقادتها سابقًا على مدى عدة سنوات. تداعيات الحرب تمتد إلى ما هو أبعد من إسرائيل وإيران، حيث تشكل تهديدًا مباشرًا لدول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، اللتين أبدتا قلقًا من امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، لأن مشاركة أمريكا فى الحرب قد تعرض قواعدها فى كل المنطقة، خاصة فى الكويت والبحرين، لهجمات إيرانية، ما يزيد من توتر العلاقات مع دول الخليج. من ناحية أخرى، قد تلعب روسيا والصين دورًا غير مباشر فى الحرب، عبر تقديم دعم لوجستى أو تكنولوجى لإيران، ربما من خلال كوريا الشمالية، التى تمتلك خبرة فى تطوير الصواريخ الباليستية.

فيما يضيف إعلان باكستان عن دعمها الكامل لإيران، فى سياق توتر علاقاتها مع الهند، بعدًا جديدًا للصراع، إذ تمتلك باكستان بالفعل ترسانة نووية قد تُستخدم كورقة ضغط حال تطور الأمور إلى أبعاد غير متوقعة.

اقتصاديًا، تسببت الحرب فى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، مع توقعات بتجاوز سعر ١٢٠ دولارًا للبرميل إذا استهدفت إسرائيل منشآت نفطية إيرانية، كما شهدت أسواق الذهب والعملات تقلبات حادة، مع ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة.

 

سيناريوهات الحرب تعيد تشكيل خريطة المنطقة من جديد

 

لا تقتصر تداعيات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية على تدمير المنشآت النووية أو استهداف القادة العسكريين، بل تمتد إلى احتمالات واسعة لإعادة تشكيل جيوسياسى كامل لمنطقة الشرق الأوسط، حيث تُقدِم إسرائيل على خطوة تاريخية قد تُنهى عصر «الردع عبر الوكيل»، وتفتح الباب أمام حقبة جديدة من الهيمنة الإقليمية المباشرة.

وتعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بأن «إسرائيل ستغير وجه المنطقة» أكثر من مجرد خطاب سياسى، كونها تعكس رؤية استراتيجية عميقة تهدف إلى تحويل الدولة العبرية من كيان محاصر بالأعداء إلى قوة إقليمية عظمى، قادرة على فرض شروطها الأمنية والاقتصادية على جيرانها، ما يفتح الباب أمام عدد من السيناريوهات المستقبلية والتداعيات التى تستحق إلقاء الضوء على بعضها. 

السيناريو الأول: انتصار إسرائيل وصناعة «الشرق الأوسط الإسرائيلى- الأمريكى»

إذا نجحت إسرائيل فى تحقيق أهدافها الكاملة من هذه الحرب، والمتمثلة فى: تدمير البرنامج النووى الإيرانى، وتقويض الحرس الثورى، وإضعاف حلفاء طهران فى سوريا ولبنان واليمن، فإن ذلك سيعنى ولادة «شرق أوسط جديد» تُهيمن عليه الثنائية الإسرائيلية- الأمريكية.

وفى هذا السيناريو، ستصبح تل أبيب القوة العسكرية والتكنولوجية الأولى فى المنطقة، مدعومة بغطاء سياسى واستخباراتى من واشنطن، لتتحول إسرائيل من دولة تتعامل مع تهديدات الوجود إلى دولة تفرض شروط الوجود على الآخرين، عبر: 

١- إعادة رسم التحالفات الإقليمية وتغيير المواقف 

- دول كانت تقف فى منطقة رمادية بين المعسكرين، قد تُسرع فى التطبيع مع إسرائيل، بل قد توقع اتفاقات دفاع مشترك تحت مظلة أمريكية.

- الضغط على الدول البارزة فى المنطقة لقبول دور إسرائيل الأكبر فى الأمن الإقليمى، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب من المنظور الأمريكى والإسرائيلى والغربى.

- إضعاف محور «الممانعة والمقاومة» الذى تقوده إيران، ما قد يؤدى إلى انهيار تدريجى لـ«حزب الله» فى لبنان، وتقليص نفوذ الحوثيين فى اليمن، وتراجع دور الحشد الشعبى والميليشيات الموالية فى العراق.

٢- الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية:

- مع تدمير البنية التحتية العسكرية الإيرانية، ستكون إسرائيل القوة الأساسية فى المنطقة التى تمتلك تفوقًا تكنولوجيًا مطلقًا فى مجالات المشروعات النووية.

- قد تتحول خطوط الغاز الإسرائيلية إلى أداة ضغط سياسى، حيث تصبح إسرائيل المورد الرئيسى للطاقة لأوروبا عبر اليونان وقبرص، ما يعزز من نفوذها الجيوسياسى.

- انهيار الاقتصاد الإيرانى سيفتح الباب لسيطرة الشركات الإسرائيلية والأمريكية على أسواق كانت محظورة سابقًا، مثل النفط والاتصالات فى دول عربية عدة، منها العراق وسوريا والخليج.

٣- التغيير الديموغرافى والأمنى:

- إذا انهار النظام الإيرانى أو اضطر إلى تقديم تنازلات كبرى، فقد تشهد إيران نفسها تحولات داخلية، حيث تبرز حركات انفصالية فى الأحواز أو كردستان، أو حتى انتفاضة شعبية تطالب بتغيير النظام.

- فى فلسطين، قد تُجبر حماس والسلطة على قبول تسوية سياسية غير مسبوقة تحت ضغط انهيار الدعم الإيرانى، ما يفتح الباب لـ«صفقة القرن ٢»، بقيادة أمريكية- إسرائيلية.

السيناريو الثانى: انتصار إيران وولادة «الشرق الأوسط النووى»

يتمثل السيناريو الثانى فى تمكن إيران من الصمود فى هذه الحرب، والنجاح فى تحويلها إلى «معركة وجود» تُنهيها بإعلان امتلاكها سلاحًا نوويًا، ما سيشكل زلزالًا جيوسياسيًا لا تقل تداعياته أهمية عن سيناريو الهزيمة، إذ ستدخل المنطقة بعده عصرًا جديدًا من الردع النووى المباشر، وتتمثل تداعياته فى:

- فتح سباق التسلح النووى الإقليمى:

- مع إعلان إيران عن سلاح نووى قد تُسرع دول رئيسية بالمنطقة، مثل السعودية ومصر وتركيا، إلى السعى للحصول على أسلحة نووية، إما عبر شرائها مثلًا من باكستان «فى حالة السعودية» أو تطوير برامج محلية بمساعدة صينية أو روسية.

- ستتحول المنطقة إلى «جنوب آسيا جديدة»، حيث يصبح خطر المواجهة النووية حقيقة يومية، كما هو الحال بين الهند وباكستان.

- انهيار نظام الأمن الجماعى الأمريكى: 

- حال إعلان إيران امتلاكها السلاح النووى، فإن العقيدة العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط ستنقلب رأسًا على عقب، حيث لن تتمكن واشنطن من تهديد طهران بالضربات العسكرية المباشرة، كما فعلت سابقًا مع العراق أو أفغانستان، بل سيستدعى الأمر تغيرًا فى طريقة التعامل مع الملف الإيرانى بأكمله، على غرار ما يحدث مع كوريا الشمالية.

- قد تنسحب الولايات المتحدة من قواعدها فى الخليج تدريجيًا، كما فعلت فى أفغانستان، ما يفتح الباب لـ«فراغ قوة»، قد تملؤه روسيا أو الصين.

- تصاعد حروب الوكالة إلى مستويات غير مسبوقة:

- حتى لو توصل الطرفان إلى «هدنة»، فإن إيران ستستخدم سلاحها النووى كورقة ضغط لتصعيد هجمات وكلائها ضد إسرائيل وأمريكا، دون خوف من رد مدمر.

- قد نشهد حربًا باردة إقليمية، حيث تتنافس إسرائيل وإيران عبر الحروب السيبرانية، والاغتيالات، حتى الصواريخ، فى سباق محموم لفرض الهيمنة على المنطقة.

السيناريو الثالث: الهدنة الهشة كمقدمة لعاصفة أكبر

يتمثل السيناريو الثالث فى انتهاء الحرب الجارية بتوقف إطلاق النار دون تحقيق انتصار حاسم لأى من الطرفين، ما قد يُنتج «شرق أوسط مُعلّقًا» بين الحرب والسلام، تتمثل تداعياته فى: 

- تحول المنطقة إلى برميل بارود فى انتظار الإشعال، إذ ستستغل إسرائيل الهدنة لإعادة بناء دفاعاتها، بينما ستسعى إيران لتعويض خسائرها عبر تسريع برنامجها النووى سرًا. 

- قد تتدخل قوى إقليمية ودولية بقوة على الساحة فى المنطقة فى مساحات ومناطق أوسع من ذى قبل استغلالًا للموقف المعلق وتداعياته، مثل تركيا التى قد تتدخل لملء الفراغ فى سوريا والعراق، أو روسيا التى قد تزيد من نفوذها العسكرى فى إيران نفسها.

- الأسواق العالمية ستبقى تحت رحمة التوتر، لأن أى اشتباك صغير قد يتسبب فى ارتفاع جنونى لأسعار النفط، أو انهيار البورصات العالمية.

وعمومًا، ومهما كانت نتيجة هذه الحرب، فإنها ستُعلن نهاية «الشرق الأوسط القديم» الذى عشناه منذ نهاية الحرب الباردة، فإما أن نرى إسرائيل كقطب أوحد فى غرب آسيا، أو إيران كقوة نووية تُعيد رسم تحالفات المنطقة، أو انفلاتًا أمنيًا يدفع بالشرق الأوسط إلى عصر من الفوضى لا يُشبه أى شىء مرّ به من قبل. 

والسؤال الوحيد المتبقى هو: هل العالم مستعد لتداعيات هذا الزلزال الجيوسياسى؟!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 16 يونيو 2025 تحديث مباشر
التالى انطلاق أفواج جديدة من دورات إعداد القادة لطلاب جامعة السويس خلال يوليو وأغسطس 2025