أكد خبراء الاقتصاد، أن الأزمة الجيوسياسية الحالية بين إيران وإسرائيل تشكل تحديات كبيرة على الاقتصاد المصري، تتطلب استعدادات عاجلة وخطط طوارئ لمواجهة تأثيراتها.
وأضاف الخبراء، أن التصعيد في المنطقة يهدد استقرار الأسواق العالمية، خصوصًا فيما يتعلق بإمدادات الطاقة والغذاء، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على سعر صرف الجنيه المصري، إضافة إلى تضخم الأسعار وارتفاع تكاليف الشحن.
وأشار الخبراء، إلى ضرورة تحرك الحكومة بسرعة، من خلال تشكيل "لجنة أزمات" متخصصة، لتقييم المخاطر وتطوير سيناريوهات استباقية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني.
وحذر الخبراء من التهديدات المحتملة لممرات التجارة الدولية، مثل مضيق هرمز وقناة السويس، التي تشكل شرايين حيوية للاقتصاد المصري والعالمي.
محمد باغة: حرب إيران وإسرائيل تشكل تحديات كبيرة تتطلب استعدادات عاجلة
بداية، أكد الدكتور محمد باغة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة قناة السويس، أن الأزمة القائمة بين إيران وإسرائيل تمثل تهديدًا جديًا على الساحة الإقليمية والدولية، خصوصًا مع توسع دائرة الاشتباكات العسكرية وتأثيراتها المتعددة على الأمن الاقتصادي والاستراتيجي.
وأشار "باغة" في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إلى أن التصعيد في المنطقة قد يؤدي إلى حدوث مشكلات حادة في إمدادات الطاقة والغذاء، وهو ما ينعكس سلبًا على الدول، وعلى رأسها مصر.
وقال إن هناك مخاطر حقيقية تتمثل في احتمال إغلاق مضيق هرمز، وهو الممر البحري الحيوي الذي يمر عبره الجزء الأكبر من صادرات النفط في العالم، مؤكدًا أن أي إغلاق لهذا المضيق سيؤدي إلى تعطل سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع حاد في أسعار الطاقة، وهو ما ينعكس مباشرة على الأسواق المحلية والدولية.
وأضاف، أن هناك تهديدات أخرى تتمثل في استهداف المنشآت الحيوية في منطقة النزاع، مثل مصافي النفط ومحطات الكهرباء، والتي يمكن أن تتعرض للدمار، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.
وأوضح أن هذه الأحداث قد تؤدي إلى تعطيل الإمدادات، لا سيما الغاز الطبيعي الذي تستورده مصر من الحقول الإسرائيلية، وهو ما يتطلب وجود خطط طوارئ فورية لضمان استمرارية الإمداد وتفادي الأزمات.
وأشار "باغة" إلى خطورة تأثير العمليات العسكرية المحتملة على البحر الأحمر وقناة السويس، خاصة مع تصاعد الهجمات التي قد يقوم بها الحوثيون في اليمن، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لأحد أهم الممرات التجارية في العالم، مؤكدًا على ضرورة الاستعداد الكامل لمواجهة أي تهديدات قد تؤثر على حركة التجارة والأمن البحري في المنطقة.
وأكد "باغة" أن مواجهة هذه التحديات تتطلب وضع سيناريوهات متعددة للتعامل مع مختلف التطورات، مع ضرورة توفير بدائل واستراتيجيات طوارئ في قطاعات حيوية مثل الطاقة والغذاء.
وقال: إن على الحكومات والقطاع الخاص التحرك بشكل سريع وذكي لتقليل آثار هذه الأزمة قدر الإمكان، وضمان استقرار الأسواق وحماية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وأضاف، أن حماية الفضاء الاستراتيجي للدول تعتبر من الأمور الضرورية في ظل هذه التطورات، لضمان عدم تأثر الأنظمة الحيوية بأي هجمات أو مناوشات محتملة قد تصل لفترات طويلة.
وأكد، أن مصر ليست قلقة من الناحية الأمنية بحد ذاتها، بل التحدي الأكبر يكمن في الانعكاسات الاقتصادية التي قد تنتج عن توقف أو تعطل سلاسل الإمداد، فضلًا عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا.
وأشار، إلى أن الحرب الراهنة تؤدي إلى تقلبات في الأسواق العالمية وزيادة غير مسبوقة في تكاليف الشحن والطاقة، مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد المصري وغيره من الاقتصادات الإقليمية.
ودعا "باغة" إلى ضرورة تنسيق الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع حلول مستدامة وسريعة لمواجهة هذه الأزمة، مشددًا على أهمية التخطيط الاستراتيجي المرن والجاهزية الدائمة لمواجهة أي تطورات مفاجئة قد تؤثر على الأمن الاقتصادي والاستراتيجي للمنطقة.
أبو الفتوح: الوضع الجيوسياسي يفرض تحديات كبيرة على الاقتصاد المصري
من جانبه، أعرب هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، عن قلقه العميق من التأثيرات التي يفرضها الوضع الجيوسياسي المتوتر بين إسرائيل وإيران، والذي يأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولات سياسية واقتصادية غير مستقرة.
وقال "أبو الفتوح" في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إن هذه الأزمات تضع ضغوطًا هائلة على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن أحد أبرز القضايا التي تثير القلق هو تأثير هذه الاضطرابات على استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار.
وأشار "أبو الفتوح" إلى أهمية تشكيل الحكومة "لجنة أزمات" لمتابعة هذه التطورات والحد من تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، ورأى أن هذه اللجنة يجب أن تعمل كغرفة عمليات مركزية تقيّم بشكل مستمر المخاطر الناجمة عن الأوضاع الإقليمية والدولية، وتضع خططا استباقية لمواجهة أي تصعيد محتمل.
وتابع "أبو الفتوح" قائلاً: "يجب أن تركز اللجنة على عدة محاور رئيسية، أولاً، يجب تأمين مصادر العملة الصعبة، مثل الإيرادات من السياحة وقناة السويس، التي يتوقع أن تتأثر بشكل مباشر بالتوترات الإقليمية،مشيرا الي ان الحلول المؤقتة لم تعد كافية في ظل هذه الأوضاع، ومن الضروري أن نسعى لتنويع الأسواق السياحية لضمان استمرار الإيرادات من هذا القطاع الحيوي".
وأضاف، أن المحور الثاني يجب أن يتمثل في تأمين سلاسل الإمداد للسلع الأساسية والطاقة، لتفادي أي صدمات تضخمية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي على المواطن المصري، مؤكدًا ضرورة وجود سياسات استباقية لضمان تدفق السلع الأساسية دون أي انقطاع أو تأخير.
أما المحور الثالث، فقد أشار إلى الحاجة الملحة إلى رؤية اقتصادية تتسم بالمرونة لتطبيق سياسات نقدية ومالية استثنائية، واتخاذ قرارات سريعة لضمان استقرار الجنيه المصري، والذي يعد من أكبر التحديات في الوقت الحالي، ورأى أن هذه السياسات يجب أن تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي.
وفيما يتعلق بتأثير هذه الأوضاع على توقعات سعر الفائدة على الجنيه، أشار أبو الفتوح إلى أن الضغط المستمر على سعر الصرف قد يدفع البنك المركزي إلى إعادة تقييم سياسته النقدية، وقال إن الحفاظ على جاذبية الجنيه للمستثمرين يتطلب تقديم سعر فائدة تنافسي، وهو ما يواجه تحديا في ظل الظروف الحالية.