تُعد مراكب الملك خوفو، المعروفة إعلاميًا بـ"مراكب الشمس"، واحدة من أبرز الكنوز الأثرية التي ستتألق في العرض المتحفي المنتظر داخل المتحف المصري الكبير، والمقرر افتتاحه في الربع الأخير من العام الجاري، وفقًا لما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
أوضح الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن مركب خوفو الأولى سيتم عرضها داخل مبنى مخصص في المتحف، يُتيح للزوار فرصة نادرة لرؤية هذا الإنجاز الهندسي من قرب، حيث يتم تجهيز سيناريو عرض عالمي يعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة.
وأشار "ريحان"، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن عملية نقل مركب خوفو استندت إلى دراسة علمية بدأت في أكتوبر 2018، وعُرضت على القيادة السياسية، ليُصدر القرار في مايو 2019، وتُنفذ عملية النقل بنجاح في أغسطس 2021.
وأضاف أن عربة ذكية استُقدمت خصيصًا من بلجيكا لنقل المركب كقطعة واحدة، حيث جرت محاكاة أولى لعملية النقل في يونيو 2021، وأعقبتها تجربة ثانية في يوليو من العام نفسه، قبل تنفيذ النقل الفعلي على مدار 3 أيام متواصلة، باستخدام هيكل معدني للحماية وعربة ذاتية القيادة تعمل بنظام التحكم عن بُعد، لضمان سلامة المركب خلال الرحلة الدقيقة من منطقة الأهرامات إلى المتحف الكبير.
من الاكتشاف إلى الترميم
أما عن قصة الاكتشاف، فيعود أصلها إلى عام 1954، حين كشف المهندس الأثري كمال الملاخ عن حفرتين مغلقتين بجنوب الهرم الأكبر، خلال أعمال تنظيف وإزالة الرديم. وُجد في قاع إحداهما مركب خشبي مفكك مصنوع من خشب الأرز اللبناني، يتكون من 1224 قطعة تشمل خمسة أزواج من المجاديف وزعانف للتوجيه ومقصورة وسقالة.
جرى تركيب المركب الأولى بعناية فائقة ليبلغ طوله نحو 42 مترًا، وأُطلق عليها اسم "مركب الشمس" أو "سفينة خوفو"، حيث كان يُعتقد أن الملوك يستخدمون هذه السفن في رحلاتهم الرمزية نحو الحياة الأبدية في العالم الآخر.
ويشير "ريحان" إلى أن محيط الهرم الأكبر يضم سبع حفريات مخصصة للمراكب، منها خمس مرتبطة مباشرة بهرم خوفو، واثنتان بالأهرامات الفرعية الخاصة بالملكات، وتُعد حفرتا مركب الشمس الأكثر حفظًا واكتمالًا، حيث بقيتا مغلقتين بشكل جيد طيلة قرون.
وقد وُضعت أجزاء مركب الشمس داخل الحفرة في 13 طبقة، كإجراء احترازي يضمن سلامتها، وهو ما ساعد علماء الآثار في إعادة تركيبها بدقة فائقة، ما يُعد إنجازًا أثريًا فريدًا من نوعه.
يُعد المتحف المصري الكبير، الذي سيضم المركب، مشروعًا قوميًا يمثل نافذة حضارية جديدة لمصر، من خلال عرض كنوز الفراعنة بتقنيات حديثة وتجربة بصرية متكاملة تُعزز من فهم الزائرين لعظمة الحضارة المصرية.