في خضم التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار نحو مواقف القوى الكبرى، حيث أعلنت موسكو الثلاثاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتحدث هاتفيًا مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال الأيام المقبلة لبحث تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، حسبما أفادت وكالة "إنترفاكس" نقلًا عن أحد مساعدي الكرملين.
التعامل مع الوضع المعقد
وقال المستشار الرئاسي الروسي يوري أوشاكوف إن الكرملين يرى في الاتصال المرتقب خطوة مهمة لتعزيز التنسيق بين موسكو وبكين في التعامل مع "الوضع المعقّد" الذي يهدد أمن المنطقة والعالم.
وأكد أوشاكوف أن الحوار الروسي-الصيني سيركز على بحث سبل التهدئة، ومنع خروج النزاع عن نطاقه الإقليمي، خاصة بعد أن بدأ يتخذ طابعًا متعدد الأطراف من خلال إشارات التورط غير المباشر لقوى خارجية.
وأضاف المستشار أن بوتين أجرى مؤخرًا اتصالًا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث اتفق الجانبان على تكثيف التنسيق بين وزارتي الخارجية والدفاع في كلا البلدين، في مسعى لاحتواء التصعيد ومنع تمدده إلى دول الجوار.
دبلوماسية هادئة أم تحضير لمبادرات دولية؟
وحسب صحيفة الجارديان البريطانية فقد تأتي التحركات الروسية والصينية في وقت حساس تشهده المنطقة، إذ تشن إسرائيل هجمات جوية متواصلة على منشآت إيرانية وصفتها بـ"الاستراتيجية"، بينما ترد طهران بهجمات صاروخية تستهدف مدنًا ومواقع عسكرية إسرائيلية.
وقد أدت الضربات المتبادلة إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، إضافة إلى أضرار مادية واسعة في كل من طهران وتل أبيب.
وفي ظل هذا التصعيد، تحاول موسكو لعب دور الوسيط مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع كل من طهران وتل أبيب، فضلًا عن تنسيقها الاستراتيجي مع أنقرة وبكين. ويشير مراقبون إلى أن الاتصال المرتقب بين بوتين وشي قد يكون مقدمة لمبادرة دبلوماسية مشتركة، خاصة وأن الصين تملك نفوذًا اقتصاديًا كبيرًا في إيران، فيما تحتفظ روسيا بعلاقات عسكرية وطاقة قوية مع النظام الإيراني.
من جهة أخرى، يرى محللون أن رغبة موسكو في التهدئة تعود جزئيًا إلى مخاوفها من تأثير الحرب على إمدادات الطاقة، لا سيما في مضيق هرمز الذي شهد مؤخرًا ارتفاعًا في معدلات التهديدات الأمنية والقرصنة البحرية.
وفي المقابل، لم تصدر حتى الآن مواقف غربية حاسمة تجاه المبادرات الروسية أو الصينية، رغم أن دول الاتحاد الأوروبي أعربت عن "قلقها العميق" من احتمالات توسع الصراع إلى دول أخرى في الإقليم، في حين أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريح من واشنطن، أن إدارته تسعى لـ"نهاية حقيقية للنزاع، لا مجرد وقف لإطلاق النار".
وفي ظل هذا المشهد الدولي المعقد، تبقى فرص التهدئة مرهونة بمدى جدية الأطراف الفاعلة في كبح التصعيد، ووجود قناة اتصال مفتوحة مع كل من طهران وتل أبيب، وهو ما تسعى إليه موسكو وبكين على ما يبدو، في محاولة لتثبيت موقعهما كصانعين للأمن، لا مجرد مراقبين عن بعد.