مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار مرة أخرى إلى الحدود الجنوبية للبنان. فبينما تحترق غزة وتتبادل طهران وتل أبيب التهديدات، يبرز سؤال محوري: أين يقف لبنان؟ وبشكل أدق، هل يدخل حزب الله إلى حرب دعما لإيران لا يستطيع تحملها بلاده ولا يريدها شعبه؟
لبنان بين مطرقة إيران وسندان إسرائيل: هل ينجو من نار الحرب؟
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن لبنان – الدولة التي تعاني بالفعل من انهيار اقتصادي، وخلل سياسي، وسنوات من الصدمات – ليس لديها القدرة ولا الإرادة لتحمل صراع آخر. فمن دمار حرب عام 2006 إلى انفجار مرفأ بيروت وانهيار العملة، يتأرجح لبنان على حافة الهاوية، وفي هذه الحالة الهشة، فإن أي تصعيد عسكري يبدأه حزب الله – سواء كان مبررًا بالتضامن مع "محور المقاومة" أو كرد على الإجراءات الإسرائيلية ضد إيران – سيكون بمثابة انتحار وطني.
وبينت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن خطاب حزب الله يستمر في ربط مصير لبنان بصراعات القوى الإقليمية التي تتجاوز حدوده بكثير، متجاهلًا الصوت المتزايد للجمهور اللبناني الذي يتوق بشدة لتجنب أن يصبح وقودًا للمدافع مرة أخرى، موضحة أن غالبية اللبنانيين – عبر الطوائف والمناطق – لا يريدون الحرب ولا يريدون أن تتحول الضاحية الجنوبية إلى ركام، ولا نزوحًا جماعيًا، ولا مزيدًا من الانهيار للبنية التحتية والحياة اليومية.
نداء رئاسي نادر لحزب الله: لا تورطوا لبنان في معركة لا قِبَل له بها
وفي خطوة نادرة ومهمة، أفادت تقارير بأن رئيس الجمهورية اللبنانية قد طلب من حزب الله الامتناع عن إقحام لبنان في التصعيد الحالي. ويعكس هذا النداء ليس فقط قلق الدولة اللبنانية، بل أيضًا إرادة الشعب الذي أنهكته الأزمات المتتالية ولا يرى مصلحة وطنية في خوض حرب الآخرين، بحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
تتابع الوكالة بان الحقيقة القاسية تبقى أن قرار الحرب ليس بيد الحكومة اللبنانية، بل بيد حزب الله الذي يمتلك السلاح ويسيطر على الحدود الجنوبية، وهذا بالتحديد ما يقلق العديد من اللبنانيين بشدة – أن تفتح الجماعة جبهة مع إسرائيل من جانب واحد، دون تشاور ودون اعتبار للعواقب الكارثية.
تشير الوكالة إلى أن كل صاروخ يطلق من جنوب لبنان يستدعي ردا إسرائيليا مدمرا، على الضاحية ومدينة صور وصيدا، وهذا يعني المزيد من الجوع، والمزيد من الخوف، والمزيد من الفوضى، ومع ذلك، لا تزال قيادة حزب الله تتحدث بلغة المواجهة، وكأن الشعب اللبناني مستعد لدفع الثمن مرة أخرى.
واختتمت الوكالة بالقول إن اللبنانيين لا يريدون أن يكونوا جزءًا من هذه الحرب. إنهم يريدون السيادة على مستقبلهم. يطالبون بالسلام والكرامة والبقاء. ومع كل تصعيد، وكل خطاب ناري، يصبح أوضح أن حزب الله لم يعد يتحدث باسم الشعب اللبناني – إنه يدفعه نحو هاوية لم يختاروها، وقد لا يكون هناك عودة منها.