سيناريو الاغتيالات.. بداية لإسقاط النظام.. قادة عسكريون وعلماء يشكّلون العمود الفقري للمشروع الإيراني في المنطقة.. انتهت أدوارهم بضربة واحدة

سيناريو الاغتيالات.. بداية لإسقاط النظام.. قادة عسكريون وعلماء يشكّلون العمود الفقري للمشروع الإيراني في المنطقة.. انتهت أدوارهم بضربة واحدة

السبت 14 يونيو 2025

رئيس مجلسى الإدارة والتحرير

عبدالرحيم علي

رئيس التحرير

داليا عبدالرحيم

رئيس مجلسي الإدارة والتحرير

عبدالرحيم علي

رئيس التحرير

داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

السبت 14/يونيو/2025 - 08:51 م
علم إسرائيل
علم إسرائيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لسنوات طوال وإسرائيل ترسم وتخطط مشروعات متنوعة لتفكيك إيران من الداخل، من ضمن هذه المخططات نظرية اغتيال قادة الصف الأول، تدربت على ذلك في نموذج إسقاط حزب الله، وتفعل ذلك الآن مع حماس بهدف هزيمتها هزيمة شاملة، الجديد هو أن نفس المنهج بدأت إسرائيل ممارسته مع إيران، ليصبح المشروع هو اغتيال بهدف إسقاط الدولة وليس اغتيالا بهدف الاغتيال.
وفق هذا المنهج تلقت إيران ضربات جوية دقيقة نفذتها إسرائيل داخل العمق الإيراني، وبسبب هذه الضربات فقدت إيران اللواء حسين سلامي، قائد فيلق القدس، والجنرال محمد باقري، رئيس هيئة الأركان، إلى جانب الأميرال علي شمخاني، والعالمين النوويين فريدون عباسي دواني ومحمد مهدي طهرانجي، هذه هي الأسماء البارزة التي تم اغتيالها في الضربة الافتتاحية، وما زال القوس مفتوحًا لأسماء جديدة.
القادة العسكريون والعلماء النوويون يشكّلون جزءًا من العمود الفقري للمشروع الإيراني في المنطقة، انتهت أدوارهم بضربة واحدة، ليست أولى الضربات، لكنها من أكثرها إيلامًا.
تاريخيا شهدنا مسلسل الاغتيالات وهو يتحرك من بيروت إلى غزة، ومن دمشق، إلى بغداد، ومن الضفة الغربية إلى قلب طهران، في كل هذه المواقع وقفت إسرائيل أمام خريطة واحدة للخصم، وعقيدة قتالية لا تتغير يمكن اختصار تلك العقيدة في جملة واحدة وهي "اضرب الرأس، يُشلّ الجسد" طيلة عقود، دأبت إسرائيل على استهداف القادة العسكريين والسياسيين في حركات المقاومة، بدءًا من حزب الله، مرورًا بحماس، وصولًا إلى ما يبدو الآن مرحلة أكثر جرأة وخطورة وهي اغتيال قادة النظام الإيراني أنفسهم.
في السابق، كانت الاغتيالات أداة تكتيكية، أما اليوم فأصبحت جزءًا من استراتيجية كبرى لإسقاط أنظمة كاملة من الداخل، إسرائيل لم تعد تسعى فقط إلى كسر أذرع المقاومة، بل بدأت تكسر العقول التي تُفكر وتصنع القرار داخل الخصوم.
قبل الحديث عن طهران، لا بد من المرور سريعًا على سجل إسرائيل الدموي مع حزب الله وحماس، حيث شكّل الاغتيال سياسة دائمة لا تتوقف.
في حزب الله، البداية كانت مدوية مع عباس الموسوي عام ١٩٩٢، الذي تم استهدافه بغارة جوية أودت بحياته وعائلته، ثم جاء الدور الأهم عام ٢٠٠٨، حين اغتالت إسرائيل عماد مغنية، العقل الأمني والعسكري الأخطر في الحزب، في قلب دمشق. اغتيال مغنية لم يكن فقط عملية أمنية ناجحة، بل إعلان حرب على البنية التحتية الاستخباراتية لحزب الله، وجاء الاغتيال الأكبر بالوصول الى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والتخلص منه بتفجير كان كفيلًا بتفجير حزب الله تنظيميا من الداخل.
أما في حماس، فالقائمة تطول، من أحمد ياسين إلى عبد العزيز الرنتيسي في ٢٠٠٤، إلى اغتيال صلاح شحادة ومحمود المبحوح في دبي عام ٢٠١٠، وصولاً إلى استهداف القيادات الميدانية مثل محمد الضيف (الذي نجا أكثر من مرة) ومروان عيسى، الذي قُتل في عدوان ٢٠٢٣، إسرائيل لا تكتفي بإضعاف الجناح العسكري، بل تلاحق "العقول المدبرة" و"مفاتيح اللعبة" في كل تنظيم معادٍ لها.
لكن الجديد، والمثير، أن إسرائيل لم تعد تكتفي بتنظيمات "ما دون الدولة". اللعبة اليوم باتت موجهة إلى رأس الدولة نفسها، وتحديدًا إيران.
لحظة التحول كانت باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في بغداد عام ٢٠٢٠ بغارة أمريكية، لكن بتنسيق واضح ومعلن مع إسرائيل. سليماني لم يكن قائدًا عاديًا، بل مهندس النفوذ الإيراني في المنطقة من سوريا إلى لبنان، من العراق إلى اليمن، من غزة إلى صنعاء.
باغتيال سليماني، فتحت إسرائيل (عبر الغطاء الأمريكي) جبهة جديدة وهي اغتيال النواة الصلبة للنظام الإيراني نفسه.
بعد سليماني، دخلت إسرائيل مرحلة "استهداف العقول". لم تعد الغارات مقتصرة على الميادين أو المعسكرات، بل أصبحت موجهة إلى العلماء والمطورين والتقنيين، في محاولة لكسر ظهر المشروع النووي الإيراني من الداخل:
محسن فخري زاده، العقل المدبر للبرنامج النووي، تم اغتياله في نوفمبر ٢٠٢٠ داخل إيران نفسها، باستخدام أسلوب أقرب لأفلام الجواسيس، تبعه استهداف عدة علماء في المجال النووي والعسكري، إلى جانب انفجارات غامضة في منشآت نطنز وأصفهان.
في مايو ٢٠٢٤، أُعلن عن اغتيال عدد من الضباط العاملين في وحدات تطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، في عمليات يُعتقد أن الموساد الإسرائيلي يقف خلفها.
المسألة لم تعد فقط "منع إيران من التقدم تقنيًا" أو "كبح طموحها النووي"، بل هناك ما هو أعمق وهو تقويض شرعية النظام من الداخل.
عبر هذه الاغتيالات المتكررة، ترسل إسرائيل رسالة إلى الشعب الإيراني مفادها أن النظام عاجز عن حماية نُخبه، كما تراهن على أن اغتيال العقول والمخططين سيُحدث حالة من الفوضى داخل مراكز القرار، تُترجم لاحقًا إلى صراعات داخلية، وانهيار الثقة، وربما تصدّع في بنية الحكم.
بمعنى آخر، باتت إسرائيل تتعاطى مع إيران كـ"نظام قابل للتفكيك"، لا كقوة خارقة لا تُهزم.
في العمق، إسرائيل تسعى إلى منع تشكّل "هلال شيعي مسلح" يمتد من طهران إلى بيروت. لذلك، هي ترى أن استئصال (إيران) هو الطريق الأسهل لإضعاف الأذرع (حزب الله، حماس، الحوثي).
لكن أيضًا، هناك رغبة عميقة في إحداث تصدع داخلي يؤدي إلى إرباك القيادة العليا وانهيار الثقة الشعبية بالنظام وهو ما يفتح الباب أمام المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج.
وهنا، يتحول الاغتيال من أداة أمنية إلى وسيلة تفكيك سياسي واجتماعي.
الرهان الإسرائيلي محفوف بالمخاطر، صحيح أن الاغتيالات تؤلم وتفكك، لكنها قد تعزز "العداء الشعبي" لإسرائيل وتوحّد الصفوف حول النظام، كما أن إيران تمتلك أدوات رد وانتقام، وقد تنقل المعركة إلى داخل إسرائيل نفسها، كما هدّد الحرس الثوري مرارًا.
لكن الأكيد أن إسرائيل، بخطتها الاغتيالية طويلة النفس، تؤمن أن الأنظمة تُسقط من الداخل، لا عبر الجيوش، وهذه الخطة لن تتوقف، ما دام العدو يملك عقلًا يُفكر وجسدًا يُنفذ.
الموساد لا ينام، ورأس النظام الإيراني صار على القائمة، فهل نحن أمام زمن الاغتيال السياسي كاستراتيجية دولة؟ أم أننا نشاهد فقط مقدمات لحرب طويلة لن تبقي ولن تذر؟ الإجابة في الأيام المقبلة، وعلى خرائط الدم القادمة.

الاقسام


© 2021 Albawabhnews All Rights Reserved.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ضبط 52 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل