السبت 14/يونيو/2025 - 01:27 م 6/14/2025 1:27:38 PM
في مقال سابق حذرتُ من وجود حالة تربص واضح بمصر، وأن هذا التربص سيزداد مع تمسكها بمواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، خاصة رفض فكرة التهجير والإصرار على حل الدولتين. هذا ما بدأ يظهر جليًا حين خرجت ما تُسمى بـ " قافلة الصمود " في اتجاه غزة، ثم تحوّل الحديث حولها من دعم غزة إلى الهجوم على مصر.
الملفت أن هناك تطابقًا غريبًا بين رسائل القنوات الفضائية التي تناولت الموقف، وكأنها جميعًا تقرأ من "سكريبت" موحد هدفه تشويه صورة مصر والتشكيك في نواياها، فقد تم تجاهل صمود مصر وموقفها الرافض للضغوط الدولية، وبدلًا من دعمها في معركتها السياسية والإنسانية، تم توجيه الاتهامات إليها، وكأن القافلة خرجت بهدف واحد فقط وهو النيل من مصر.
شهادة المخرج والسياسي خالد يوسف كانت كاشفه، فقد كشف عن القصة الحقيقية لما جرى، حيث قال إنه علم من الوزير الأسبق كمال أبو عيطة،، أن منظمي القافلة كانوا يعلمون منذ البداية أن مصر لن تسمح لهم بالمرور دون تصاريح رسمية، ورغم أنهم تلقوا هذا الرد قبل انطلاق القافلة بعشرة أيام، كما انهم لم يبذلوا أي جهد لتعديل مسارهم أو التنسيق مع الجهات الرسمية، بل أصروا على تسير القافلة تجاه الحدود المصرية، رغم معرفتهم المسبقة بالرفض المصري، ما يثير شكوكًا حول نواياهم.
ايضا بيان الداخلية الليبية الذي صدر امس الجمعة كشف أن القافلة لم تكن تمتلك تأشيرات دخول لمصر، وبعض المشاركين لم يكن لديهم حتى جوازات سفر سارية، بل إن البعض لم يحمل أي وثائق سفر من الأساس، بما يعني خرقًا واضحًا للقوانين الدولية، وأكدت الداخلية الليبية أن استقبال القافلة كان معدًا له مسبقًا، لكن عند التدقيق في هويات المشاركين، تبين وجود مخالفات عديدة، بل إن بعضهم تبنّى خطابًا عدائيًا تجاه السلطات الليبية والمصرية دون مبرر، كما وجهوا ألفاظًا نابيه ضدهما.
وشددت الداخلية الليبية على أن عبور الحدود بشكل عام يتم وفق اتفاقيات دولية، ومصر لا تُعد استثناءً في هذا، بل تطبق على الجميع دون تمييز، تمامًا كما تفعل تونس والجزائر وليبيا.
المؤسف في كل هذا، أن من يُشككون في الموقف المصري ويوجهون وسائل الاعلام ليسوا بالضرورة من أهل القافلة أو من أبناء المغرب العربي، بل قد يكونون أطرافًا أخرى، وجدت في الهجوم على مصر وسيلة للهروب من عار مواقف حكوماتهم والمستفيد الوحيد من هذه البلبلة هو العدو،خاصة انه كان يستعد لشن الهجوم على الدولة الايرانية ونجح العدو بالفعل في تحويل الأنظار عن جرائمه وتحويلها تجاه مصر.
من يزايد على الموقف المصري، عليه أن يتذكر من الذي دعا قادة العالم إلى معبر رفح ليروا بأعينهم الشاحنات المتكدسة بسبب التعنت الإسرائيلي. ومن الذي استضاف الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي لكشف الممارسات الإسرائيلية، ومن الذي خصص مطاراته لاستقبال المساعدات، وبنى المستشفيات الميدانية، وفتح حدوده يوميًا لاستقبال المصابين ودعم اسرهم.
موقف مصر لم يتغير منذ بداية العدوان على غزة، ولم يمر يوم دون أن تعلن مصر رسميًا دعمها للشعب الفلسطيني، سواء بتصريحات أو لقاءات أو مؤتمرات، وهذا الموقف لم يهتز رغم الضغوط الدولية أو الأزمات الداخلية أو حتى خذلان البعض ممن يُفترض أنهم أقرب الاصدقاء.
في النهاية، مصر لا تحتاج شهادات من أحد لتأكيد مواقفها، بل يشهد عليه التاريخ ويؤكده الحاضر، حفظ الله مصروشعبها ونصر قادتها.