رأى محللون وخبراء سياسيون أن الهجوم الإسرائيلى على إيران ليس عدوانًا عابرًا، بل حربًا لتغيير وجه الشرق الأوسط، وهو أمر يتوافق مع رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فى إعادة رسم المشهد الإقليمى.
قال محمد شمص، الكاتب اللبنانى: «الهجوم لا يمكن النظر إليه كعمل عسكرى محدود أو ضربة تكتيكية، بل هو جزء من حرب مفتوحة يراد منها تغيير وجه الشرق الأوسط برمّته».
وأضاف «شمص» لـ«الدستور»: «رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، كان قد عبّر مرارًا عن رغبته فى إعادة رسم المشهد الإقليمى»، مؤكدًا أن «العدوان تم بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، والساعات المقبلة كفيلة بكشف حجم الدعم الأمريكى، ومشاركته اللوجستية والاستخباراتية فى تنفيذ الضربات».
وواصل: «ما تشهده المنطقة اليوم لحظة مفصلية فى تاريخ الصراع، ليس فقط بين إسرائيل وإيران، بل بين مشروعين يتنازعان المنطقة: مشروع المقاومة من جهة، ومشروع الهيمنة الإسرائيلية الغربية من جهة أخرى».
وعن الموقف الإيرانى، قال الكاتب الصحفى اللبنانى: «المرشد الإيرانى، على خامنئى، اتخذ موقفًا واضحًا وصريحًا، وأعطى أوامر مباشرة إلى القادة العسكريين بتنفيذ رد قوى ومؤلم على إسرائيل».
وأضاف: «هناك إجماع وطنى داخل إيران بين التيارات المحافظة والإصلاحية على ضرورة الرد، بما يضمن استعادة الهيبة وتثبيت معادلات الردع»، معتبرًا أن «إيران استطاعت تدارك الأزمة بسرعة رغم الخسائر التى لحقت ببعض كبار قادتها العسكريين، مثل قائد الحرس الثورى ورئيس الأركان، عبر تعيين بدائل بسرعة لضمان استمرارية القيادة والجاهزية».
وحول طبيعة الرد الإيرانى المتوقع، قال «شمص»: «السيناريوهات المطروحة لا تتوقف عند مجرد ضربات محدودة، أو تبادل للرسائل الصاروخية، بل من المرجح أن تتوسع لتشمل خيارات استراتيجية كبرى، من بينها تغيير العقيدة النووية الإيرانية، وإمكانية إغلاق مضيق هرمز، الذى يمر عبره ما يزيد على ٤٠٪ من شحنات النفط العالمية».
وأضاف: «إيران تمتلك ترسانة متطورة من الأسلحة الباليستية والطائرات المسيّرة والصواريخ فرط الصوتية، وهناك مفاجآت لم تُكشف بعد ستظهر على الأرجح خلال الأيام المقبلة».
وواصل: «الردود الإيرانية قد تمتد على مدار أسبوع أو أكثر، تبعًا لحجم الهجوم الإسرائيلى ومستوى الرد المتوقع عليه»، معتبرًا أن ما جرى فى الداخل الإيرانى، بما فى ذلك عمليات أمنية نسبت إلى «الموساد»، هو جزء من حملة شاملة لتقويض قدرات إيران وإحداث فوضى داخلية.
وأتم بقوله: «المنطقة مقبلة على تصعيد غير مسبوق، وقد تكون أمام مرحلة تغيير استراتيجى فى التوازنات الإقليمية، ما لم يتم احتواء التصعيد دبلوماسيًا فى أقرب وقت».
من جهته، قال الخبير فى الشأن الإيرانى، على ضاحى، إن العدوان الإسرائيلى الأخير على إيران ليس حدثًا معزولًا، بل يأتى فى سياق مشروع أكبر تقوده إسرائيل وتسنده واشنطن، ويهدف إلى تقويض قدرات إيران الاستراتيجية، وزعزعة محور المقاومة فى المنطقة.
وأضاف «ضاحى» لـ«الدستور»: «من الواضح أن الهجوم الصهيونى الأخير استهدف عددًا من المنشآت النووية والمواقع العسكرية الإيرانية، وقد نتجت عنه أضرار مادية مباشرة، خاصة فى البنى الفوقية. لكن حسب المعلومات المتوافرة، فإن المنشآت الأساسية- لا سيما تلك الواقعة تحت الأرض- لم تتعرض لأضرار كارثية، بفضل التحصينات التى أنشأتها إيران خلال السنوات الماضية».
وواصل: «الضربة الإسرائيلية كانت متوقعة، وتم الحديث عنها فى عدة تقارير استخباراتية وصحفية قبل وقوعها، سواء داخل إيران أو حتى فى بيروت، ومن المتوقع أن تفتح الباب بلا شك أمام رد إيرانى محسوب لكنه قوى، لأن الصمت فى هذه المرحلة سيكون مكلفًا جدًا لطهران على المستويين الردعى والسياسى».
واعتبر أن استهداف قيادات أمنية وعسكرية إيرانية بارزة كان مقصودًا لإحداث إرباك داخل المؤسسة العسكرية، لكن إيران تعاملت بسرعة عبر تعيين بدلاء، وتفعيل خطط الطوارئ والدفاع الجوى، ما يشير إلى وجود استعدادات مسبقة للرد على مثل هذا السيناريو.
ورأى أن ما يُجرى الآن هو استكمال للمرحلة الإقليمية بعد معركة «طوفان الأقصى»، والتى امتدت من غزة إلى جنوب لبنان، والآن إلى قلب إيران، مضيفًا: «نتنياهو لا يخوض فقط حربًا على إيران، بل هو يفتح ٧ جبهات، فى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وضرب كل قوى المقاومة، من حماس إلى حزب الله، وصولًا إلى طهران».
ولفت إلى أن «الموساد» قد يكون نفذ عمليات من الداخل الإيرانى بمساعدة جماعات معارضة، مثل «مجاهدى خلق» أو بعض القوى الانفصالية الكردية، ما يعزز نظرية التنسيق الاستخباراتى الإقليمى ضد إيران.
فى ختام تصريحه، قال «ضاحى»: «نحن أمام مرحلة تصعيد مفتوح. الرد الإيرانى قادم، والسؤال الآن هو: كيف سيكون الرد الإسرائيلى على الرد الإيرانى؟ وهل ستدخل واشنطن مباشرة على خط المواجهة؟ الجميع يترقب، والمرحلة المقبلة ستحدد شكل المواجهة الكبرى فى المنطقة، إما بالانفجار أو باحتمال ضئيل للتهدئة».