تحل اليوم الجمعة ذكرى وفاة الفنان والمخرج المسرحي الكبير سعد أردش، أحد أبرز رموز المسرح المصري والعربي في القرن العشرين، والذي وافته المنية في مثل هذا اليوم من عام 2008 عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد صراع مع المرض في الولايات المتحدة الأمريكية.
سعد أردش من السكك الحديدية إلى خشبة المسرح
بدأ سعد أردش حياته موظفًا في هيئة السكك الحديدية، حيث لم تمنعه وظيفته من ممارسة شغفه بالفن، فقد استخدم أحد مخازن الهيئة لتقديم عروض مسرحية للهواة، فهذه البداية المتواضعة كانت أولى خطواته نحو عالم المسرح، حيث قرر بعدها الانتقال إلى القاهرة للالتحاق بـالمعهد العالي للفنون المسرحية، واضعًا قدمه الأولى على طريق الاحتراف.
محاولة الانضمام للفرقة القومية
بعد تخرّجه، توجه أردش مع مجموعة من زملائه إلى الفنان زكي طليمات – الذي كان يشغل منصب مدير الفرقة القومية وعميد المعهد – طلبًا للانضمام إلى الفرقة، ورغم اعتذار طليمات بسبب ضعف الميزانية، فإن الرفض لم يُثنِ عزيمة سعد أردش، فأسس فرقة مسرحية حرة، تعاون فيها مع الكاتب الشاب وقتها نعمان عاشور، وقدم معه العرض المسرحي الشهير "الناس اللي تحت"، الذي حقق نجاحًا لافتًا.
في أواخر الخمسينيات، حصل أردش على بعثة دراسية إلى إيطاليا، وهناك تعمّق في دراسة المسرح الحديث، وتأثر بشكل خاص بالمسرحي الألماني برتولت بريخت، الذي انعكست أفكاره بوضوح على أعمال أردش عند عودته إلى مصر.
من أبرز العروض التي قدمها في إطار المسرح البريختي "دائرة الطباشير القوقازية"، التي كانت من أوائل أعماله بعد العودة، وظل أردش وفيًا لهذا النهج التجريبي في المسرح حتى آخر أعماله "الشبكة" عام 2007، المستوحاة من نص "قيام وسقوط مدينة ما هو جني".
إرث فني لا يُنسى
على مدار عقود، قدم سعد أردش أعمالًا مسرحية وتلفزيونية وسينمائية تركت أثرًا بالغًا، من بينها:
مسرحيات: هاللو شلبي، بير السلم، النار والزيتون، دايرة الطباشير القوقازية
مسلسلات: المال والبنون، الناس في كفر عسكر، أولاد الأكابر
أفلام: قنديل أم هاشم، الاختيار، حب من نار، الاسطى حسن
كما شغل منصب أول مدير لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1986، وكان أستاذًا ورئيسًا لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث أسهم في تخريج أجيال من كبار الفنانين والمخرجين.
نال سعد أردش خلال مسيرته عددًا من الجوائز والأوسمة، من أبرزها:
وسام العلوم والفنون عام 1967
جائزة الدولة التقديرية من المجلس الأعلى للثقافة
ختام الرحلة
توفي سعد أردش في 13 يونيو 2008 بالولايات المتحدة، بعد مسيرة حافلة امتدت لأكثر من نصف قرن، ورغم رحيله، لا تزال أعماله تُمثل علامات بارزة في تاريخ المسرح المصري، ويُعدّ من المؤسسين الحقيقيين للحركة المسرحية التجريبية في مصر والعالم العربي.