أثار مشروع قانون الزواج المعدّل في الجزائر لعام 2025 جدلًا واسعًا داخل الأوساط المجتمعية والسياسية، حيث تباينت الآراء بين من يراه خطوة إصلاحية لتنظيم العلاقة الزوجية وتكريس الحقوق المدنية، ومن يعتبره مساسًا بالثوابت الدينية والتقاليد الاجتماعية الراسخة.
القانون الجديد يأتي ضمن إطار أوسع أطلقته الحكومة الجزائرية تحت مسمى "خطة تعزيز الحقوق المدنية وتحديث التشريعات"، ويضم مجموعة من البنود الجديدة التي تمس الجوانب المالية، الصحية، القانونية والاجتماعية للعلاقة الزوجية.
أبرز بنود قانون الزواج الجديد في الجزائر 2025
إلزام الطرفين بالاتفاق المالي المسبق عند عقد الزواج، بحيث تُوثّق النفقة وتقسيم الالتزامات المالية داخل العقد بشكل واضح، لتقليل النزاعات مستقبلاً سواء خلال الزواج أو بعد الطلاق.
توثيق إلكتروني إلزامي لجميع عقود الزواج عبر منصة إلكترونية رسمية تديرها وزارة العدل، في محاولة للحد من الزواج غير الموثق رسميًا وضمان شفافية العلاقات الزوجية.
الفحص الطبي الإجباري قبل الزواج، والذي يتضمن اختبارات للكشف عن الخصوبة والأمراض الوراثية، ما أثار تساؤلات حول مدى توافق هذا البند مع مفاهيم الخصوصية وفرص الزواج.
رفع سن الزواج القانوني إلى 20 عامًا لكلا الجنسين، مع إلغاء جميع الاستثناءات القضائية التي كانت تسمح بزواج القُصّر في بعض الحالات الخاصة.
-تقييد تعدد الزوجات بشروط صارمة، من أبرزها:
-ضرورة الحصول على موافقة مكتوبة من الزوجة الأولى.
-تقديم تقييم قانوني واجتماعي يُثبت وجود مبرر قوي للتعدد.
الشارع الجزائري منقسم
شهدت الساحة الجزائرية انقسامًا حادًا حول مشروع القانون. حيث رحبت به منظمات نسوية وجهات حقوقية، واعتبرته خطوة ضرورية نحو تكريس حقوق المرأة وحماية الأبناء، خاصة في حالات الطلاق أو النزاعات على الحضانة والنفقة.
في المقابل، رفضته شخصيات دينية ومحافظة، واعتبروه محاولة لفرض تشريعات دخيلة لا تنسجم مع المرجعية الإسلامية للمجتمع الجزائري، مشيرين إلى أن بعض البنود تُمثّل تداخلاً غير مقبول في خصوصيات الأسرة.
جدل داخل البرلمان
تحت قبة البرلمان، انقسم النواب بين مؤيد يرى أن القانون يمثل نقلة نوعية في تحديث قوانين الأسرة الجزائرية، وبين معارضين يخشون من انعكاسات محتملة على النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد.
وبين مساعي الحكومة لتحديث التشريعات بما يتماشى مع العصر، وتمسّك المجتمع الجزائري بقيمه الدينية والعرفية، يقف القانون الجديد على مفترق طرق حساس. إذ يمثل من جهة محاولة لإرساء نظام قانوني يحمي الحقوق، ومن جهة أخرى يطرح تساؤلات حول التوفيق بين الحداثة والأصالة.
ومن المتوقع أن يُعرض مشروع القانون للمناقشة البرلمانية خلال الأسابيع المقبلة، وسط ترقّب واسع من المواطنين لمعرفة مصير المواد المثيرة للجدل، وما إذا كانت ستُعدّل أو تُقرّ بصيغتها الحالية.