في خطوة مفصلية تأتي وسط أزمات متراكمة تعصف بالسودان، أصدر الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مرسومًا دستوريًا بتعيين كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، ليكون بذلك على رأس حكومة تواجه واحدة من أعقد التحديات السياسية والإنسانية في تاريخ السودان الحديث.
ويُعد إدريس، بخبرته القانونية والدبلوماسية الواسعة على المستوى الدولي، أحد الأسماء البارزة في المنظومة الأممية، خاصة بعد توليه منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية. غير أن هذا الانتقال من الساحة الدولية إلى بيئة سياسية مأزومة محليًا يضعه في مواجهة تحديات مصيرية تُحدد مستقبل البلاد.
تحديات أمنية مفتوحة
التحدي الأكثر إلحاحًا يتمثل في استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي دخلت عامها الثاني دون أي أفق سياسي للحل.
النزاع المسلح أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتفكك المنظومة الخدمية، ونزوح الملايين من المدنيين، ما يجعل من مسألة فرض الاستقرار الأمني أولوية لا تحتمل التأجيل، ولكنها في الوقت ذاته شديدة التعقيد في ظل تضارب المصالح الإقليمية والدولية.
انهيار اقتصادي وغياب الموارد
تعاني الحكومة من اقتصاد شبه مشلول، مع تراجع الإنتاج وانهيار العملة الوطنية، وتفاقم الديون، وانعدام مصادر التمويل، لا سيما في ظل انقطاع المساعدات الدولية المشروطة بتسوية سياسية شاملة.
ويتطلب هذا الواقع خطة طوارئ اقتصادية متعددة المحاور تشمل استعادة الثقة في المؤسسات، مكافحة الفساد، وتهيئة المناخ للاستثمار رغم الظروف الأمنية.
انعدام التوافق السياسي
ورغم المكانة الأكاديمية الرفيعة لإدريس، إلا أن غياب توافق سياسي داخلي حول شخصه، وعدم إشراك قوى الثورة والمجتمع المدني في قرار تعيينه، قد يقوض شرعيته أمام الشارع السوداني. فالثقة الشعبية المهزوزة في الطبقة الحاكمة تحتاج إلى معالجة جذرية عبر خطوات ملموسة تضمن إشراك أصحاب المصلحة الحقيقيين في مسار انتقالي جامع.
أزمات إنسانية متفاقمة
من جانبه، يجد إدريس نفسه أيضًا أمام أزمة إنسانية طاحنة تُعد من الأكبر عالميًا، مع تدهور قطاعات الصحة والتعليم، وتهجير داخلي واسع النطاق، وانعدام الغذاء والدواء في مناطق الصراع.
إن معالجة هذا الملف تتطلب تحريك المجتمع الدولي واستعادة الثقة في أجهزة الدولة القادرة على التنسيق مع وكالات الإغاثة، وتوفير حدٍّ أدنى من الخدمات الأساسية للسكان.