إلهام المدفعي.. صوت العراق الذي عَبَر البحار

إلهام المدفعي.. صوت العراق الذي عَبَر البحار
إلهام
      المدفعي..
      صوت
      العراق
      الذي
      عَبَر
      البحار

في زمنٍ كانت فيه الموسيقى العربية تسير بخطى مألوفة، ظهر صوت مختلف يحمل عوده كجواز سفر، ويعزف على أوتاره نكهة الشرق برشفة غرب. هو ليس فقط مغنيًا أو عازفًا ماهرًا، بل رجل جاء من بغداد ليعزف للعالم أنغامًا من نخيل الرافدين ممزوجة بنسيم لندن ووهج باريس.

إلهام المدفعي هو أشبه بسفير موسيقي، جعل من التراث العراقي قصيدة مفتوحة على احتمالات العصر. من “فوق النخل” إلى “مالي شغل بالسوق”، ومن “جلجل عليه الرمان” إلى “خطار”، أعاد صياغة الذاكرة الشعبية بلغة جديدة، دون أن ينتزع منها دفئها أو ملامحها الأصلية.

وقد لُقّب عن جدارة بـ“شارل أزنافور العرب”، ليس فقط لجمال صوته أو أناقة حضوره، بل لأنه حمل العراق في صوته كما حمل أزنافور أرمينيا في أغنياته، وجعل من الاغتراب مادةً للفن، لا للحنين فقط.

بصوته الذي يحمل شيئًا من الحنين وشيئًا من الشجن وشيئًا من العناد، غنّى عن الحب والناس والمقاهي والبيوت الطينية، وكأنّه يقول لكل من ابتعد عن بلاده: «ما زال العراق فينا… وإن بعدنا».
هو العود حين يتكلم بلكنات العالم، والبزق حين يرقص على إيقاع الروك، والمقامات العراقية حين تعانق الجاز بشوق العاشقين.

لم يكن مشروع إلهام المدفعي مجرد تجريب موسيقي، بل هو رؤية ثقافية، ترفض أن تبقى الأغنية في صندوق الزمن. لقد أخذ من التراث صدقه، ومن الحداثة جسارتها، ووقف بينهما كمن يترجم القلب بلغة الناس كلهم.

أحيا حفلاتٍ في عواصم الأرض، فوقف العراقي والمغربي والسوري والفرنسي والبريطاني، يُصفّقون له بنفس الحماسة. ذلك لأن موسيقاه لا تحتاج إلى مترجم، بل إلى قلبٍ يعرف كيف يُنصت.

في حضور إلهام المدفعي، يحضر العراق، لا كجغرافيا مثقلة بالوجع، بل كأنشودة عابرة للحدود، كقهوة على الرصيف، كأغنية تُغنّى في المساء ولا تُنسى.
هو مَن رفع العود عاليًا، وقال: هذه بغداد… كما لم تسمعوها من قبل. فاستمعوا جيدًا، ففي نغمةٍ منه، وطنٌ كامل يُضيء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصرع طالب بكلية الشرطة بالشيخ زايد
التالى إحالة سيدتين للمحاكمة بتهمة نشل مواطنين في الساحل