التنمية البشرية هى الأساس فى بناء مستقبل الأمم وازدهارها. وقد أدركت مصر هذا المبدأ، فوضعت تنمية الإنسان المصرى فى صميم رؤيتها التنموية الشاملة. ولم يكن هذا الاهتمام وليد اللحظة، بل نتاج عقد من العمل المستمر، تكلل بوضع رؤية مصر ٢٠٣٠ كخارطة طريق طموحة تستهدف بناء مجتمع المعرفة، وتعزيز القدرات البشرية، وتحقيق الرفاهية للمواطنين. وقد تجسدت هذه الرؤية إيمانًا راسخًا بأن الاستثمار فى الإنسان هو الاستثمار الأمثل، فهو القادر على قيادة عجلة التنمية، وتحقيق التنمية المستدامة.
والمعروف أن الدولة المصرية اهتمت بذلك بشكل واضح وظاهر عندما تم اختيار الدكتور خالد عبدالغفار نائبًا لرئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية إلى جوار حقيبة الصحة. ويمثل ملفا التعليم والصحة الركيزتين الأساسيتين لجهود مصر فى التنمية البشرية.
فى مجال التعليم، يتم بذل جهود حثيثة لتطوير المنظومة التعليمية بأكملها، من مرحلة رياض الأطفال حتى التعليم العالى والبحث العلمى.
يهدف هذا التطوير إلى تخريج أجيال قادرة على التفكير النقدى، والابتكار، ومواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة، بل المنافسة فى اقتصاد المعرفة العالمى. وتشمل هذه الجهود تطوير المناهج الدراسية لتصبح أكثر حداثة ومرونة، وتدريب المعلمين على أحدث أساليب التدريس، وتحديث البنية التحتية للمدارس والجامعات.
كما تولى الدولة اهتمامًا خاصًا بالتعليم الفنى والمهنى، إدراكًا لأهميته فى سد الفجوات فى سوق العمل وتوفير الكفاءات المطلوبة للصناعات المختلفة. كما تقام شراكات مع القطاع الخاص لتطوير برامج تدريبية متخصصة تضمن حصول الخريجين على المهارات العملية اللازمة.
وعلى صعيد التعليم العالى تسعى مصر إلى الارتقاء بجودة الجامعات المصرية، وتطوير برامجها البحثية، وتشجيع الابتكار والريادة. وتشجع الجامعات على عقد شراكات دولية لتبادل الخبرات وتوفير فرص تعليمية وبحثية متميزة للطلاب والباحثين.
أما فى قطاع الصحة، فتعد مبادرة «١٠٠ مليون صحة» أحد أبرز وأنجح البرامج التى أطلقتها الدولة لتعزيز صحة المواطنين، وهى تعكس التزامًا حقيقيًا بتوفير الرعاية الصحية الشاملة للجميع. ولم تقتصر هذه المبادرة على الفحص المبكر عن الأمراض المزمنة فحسب، بل امتدت لتشمل حملات توعية مكثفة، وتوفير العلاج بالمجان للمرضى، وتحديث البنية التحتية للمستشفيات والوحدات الصحية. وتركز المبادرة أيضًا على الكشف المبكر عن الأمراض غير السارية مثل السكر وارتفاع ضغط الدم، وتوفير برامج للوقاية منها.
وتبذل الدولة جهودًا كبيرة لتطوير المنظومة الصحية بأكملها، من خلال زيادة الاستثمارات فى بناء المستشفيات الجديدة وتجهيزها بأحدث التقنيات، وتدريب الكوادر الطبية والتمريضية، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية. كما أولى الوزير خالد عبدالغفار اهتمامًا خاصًا بصحة الأم والطفل، وتوفير خدمات الرعاية الأولية فى المناطق الريفية والمحرومة.
كما تركز جهود التنمية البشرية فى مصر على تمكين الشباب والمرأة، وهما شريحتان حيويتان فى المجتمع. وتطلق الدولة العديد من البرامج والمبادرات لدعم الشباب، وتنمية مهاراتهم، وتشجيعهم على ريادة الأعمال، وتوفير فرص عمل كريمة لهم.
أما بالنسبة للمرأة، فقد شهدت مصر فى السنوات الأخيرة خطوات غير مسبوقة فى مجال تمكين المرأة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. وتم سن القوانين التى تحمى حقوق المرأة، وتشجع مشاركتها فى سوق العمل، وتدعم رائدات الأعمال.
كما تعد المشروعات القومية الكبرى التى نفذتها الدولة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومدن الجيل الرابع، ومشاريع البنية التحتية الضخمة، ذات تأثير مباشر وغير مباشر على التنمية البشرية. ومن خلالها تم توفير فرص عمل ضخمة، وتحسين جودة الحياة وتوفير خدمات متطورة. وأسهمت هذه المشروعات فى رفع مستوى معيشة المواطنين.
كل ذلك يأتى فى إطار المشروع الوطنى المصرى الذى تم وضعه عقب ثورة ٣٠ يونيو التى باتت ذكراها على الأبواب.