فى ظل النمو المتسارع فى الطلب على الطاقة والضغوط المستمرة على الموارد الطبيعية، بات تحسين كفاءة استخدام الطاقة ضرورة وطنية تمثل أحد أهم محاور استراتيجية وزارة البترول والثروة المعدنية، التى تسعى من خلالها إلى خلق مزيج متوازن من الاستهلاك الرشيد والاستثمار الذكى، بما يسهم فى تحقيق أمن الطاقة وتقليل الانبعاثات وتعظيم القيمة المضافة من كل وحدة طاقة مستخدمة.
قال الدكتور علاء البطل، وكيل أول وزارة البترول، إن قطاع البترول يعد القاطرة الرئيسية للتنمية الاقتصادية فى مصر، حيث يوفر أكثر من ٩٤٪ من إجمالى الطاقة الأولية المستخدمة، مشيرًا إلى أن رفع كفاءة استخدام الطاقة بات إحدى الأذرع الحاسمة لدعم التحول الطاقى، وتقليل فاتورة التشغيل، وتعزيز التنافسية، وخفض الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق التزامات الدولة نحو خفض الانبعاثات، ضمن رؤية مصر ٢٠٣٠.
وأوضح «البطل» أن الوزارة وضعت استراتيجية وطنية شاملة لكفاءة الطاقة مع مراعاة الأبعاد البيئية والاستدامة، وتنقسم إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى تمتد من ٢٠٢٢ حتى ٢٠٢٧، وتهدف إلى توفير ١٠٪ من الاستهلاك، بينما تستهدف المرحلة الثانية بين عامى ٢٠٢٥ و٢٠٣٥ تحقيق وفر إضافى يصل إلى ١٨٪، وبدأت الوزارة تنفيذ أهداف المرحلتين بالتوازى نتيجة التقدم المحقق فى عدد من المحاور.
تفاصيل الاستراتيجية
وتشمل الاستراتيجية ١١ هدفًا فرعيًا و٤٨ إجراءً تطبيقيًا يتم تحديثها باستمرار ضمن وثيقة ديناميكية تواكب التطورات المحلية والدولية، وتم تشكيل سبع فرق عمل متخصصة لضمان التنفيذ الفعلى، تغطى مجالات رئيسية مثل المراجعات الفنية، وتطبيق نظم إدارة الطاقة «EnMS»، وتطوير مؤشرات الأداء، وتحديد معايير الكفاءة، وبناء القدرات وتوفير آليات التمويل، بالإضافة إلى تطوير نظم إدارة البيانات، ومنصة رقمية متخصصة تابعة للوزارة.
وأشار «البطل» إلى أن الاستراتيجية بدأت تؤتى ثمارها على أرض الواقع؛ إذ تم تنفيذ ٣٤٠ مشروعًا منخفض التكلفة فى ٧٩ شركة، حققت وفرًا يعادل إنتاج ٣.٥٦ مليون برميل بترول مكافئ سنويًا بقيمة ١٣٥ مليون دولار، فضلًا عن تقليل الانبعاثات بمقدار ١.٢ مليون طن من ثانى أكسيد الكربون، كما تم تنفيذ أكثر من ١٠٠ مشروع لتوليد الطاقة بقدرة إجمالية ٢٠ ميجاوات، أسهمت فى تقليل استهلاك السولار بأكثر من ٧٨٥ ألف لتر، وتخفيض استخدام الكهرباء من الشبكة القومية بنحو ٤٩ ألف ميجاوات/ ساعة سنويًا.
وأضاف أن الوزارة بدأت إدخال أحدث التطبيقات التكنولوجية لرفع كفاءة الطاقة، منها مشروع استغلال حرارة عوادم التوربينات فى محطة ضواغط دهشور؛ باستخدام تقنية ORC التى توفر نحو ١٠.٨ مليون دولار سنويًا، إلى جانب مشروع إنتاج الكهرباء والبخار فى شركة سيدبك الذى ينتج ٧.٥ ميجاوات من الكهرباء، ويوفر طاقة حرارية تعادل ٥٠ طنًا من البخار.
وتطرق إلى دور الطاقة الشمسية المتجددة، حيث تم تنفيذ نحو ١٠٠ مشروع للطاقة الشمسية بإجمالى قدرة تصل إلى ٢٠ ميجاوات، حققت خفضًا ملحوظًا فى الانبعاثات واستهلاك السولار، بالإضافة إلى مشروعات مستقبلية للطاقة الجيوحرارية بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية.
وأشار إلى أن الوزارة أطلقت جوائز التميز فى كفاءة الطاقة لتشجيع الابتكار وتحفيز الشركات على تقديم مشروعات قابلة للتطبيق، كما تعمل حاليًا على تطوير منصة إلكترونية لتبادل الأفكار والمقترحات وتعزيز ثقافة الابتكار.
