توقع مرشدون وخبراء سياحيون، إلى جانب عدد من المواطنين، أن يصبح المتحف المصرى الكبير محطة فارقة فى جذب السياحة العالمية، وزيادة نصيب السياحة الثقافية من إجمالى الحركة السياحية فى مصر.
ومن المقرر افتتاح المتحف المصرى الكبير فى حفل عالمى فى الثالث من يوليو المقبل؛ بحضور عدد كبير من الملوك والرؤساء والمسئولين الدوليين.
وأكد المرشدون السياحيون وخبراء السياحة، الذين تحدثت معهم «الدستور»، أن المشروعات السياحية الثقافية المُنفذة خلال الفترة الأخيرة، على رأسها المتحف المصرى الكبير، تعد فرصة كبيرة للعب دور محورى فى تنشيط السياحة، وتقديم تجربة سياحية متكاملة ومتميزة تجمع بين المعرفة والمتعة.
مواطنون زاروا المتحف: تجربة فريدة.. وشعرنا بأن آلة زمن أعادتنا لأيام الفراعنة
قال محمد إيهاب، ثلاثينى، إنه زار المتحف المصرى الكبير، ويراه واحدًا من أعظم المشروعات التى جرى تنفيذها مؤخرًا، موضحًا: «منذ اللحظة الأولى لوصولى، أدركت أننى أمام تجربة استثنائية لا تشبه أى زيارة سابقة لمتحف».
وأضاف «إيهاب»: «يقع المتحف المصرى الكبير على بعد خطوات من أهرامات الجيزة، ويعد من أضخم المتاحف المخصصة لحضارة واحدة فى العالم، وسعر تذكرة الدخول للبالغين ٢٠٠ جنيه، بينما يحصل الطلبة والأطفال من سن ٦ إلى ١٢ عامًا، وكبار السن فوق الستين، على تذاكر مخفضة بقيمة ١٠٠ جنيه فقط، ما يعكس توجهًا واضحًا لدعم الفئات المختلفة وتشجيع الزيارة».
وواصل: «المكان ممتع للغاية ويعيدك إلى تاريخ مصر القديمة، ويفضل قضاء اليوم بأكمله هنا، إذ يفتح المتحف أبوابه يوميًا من الساعة ٨:٣٠ صباحًا حتى ٧:٠٠ مساءً، باستثناء يومىّ السبت والأربعاء، إذ تمتد الزيارة حتى الساعة ١٠ مساءً، ما يتيح الفرصة للاستمتاع بجمال الآثار ليلًا».
وتابع: «مع بداية الجولة، استقبلنى تمثال الملك رمسيس الثانى شامخًا فى بهو المدخل، وكأن الزمن توقف لحظة دخولى، فطريقة العرض الحديثة والإضاءة المدروسة والمساحات الواسعة التى تحتضن آلاف القطع الأثرية، تشعرك بأنك لا تتجول فى متحف تقليدى، بل فى رحلة داخل الزمن إلى عصر المصريين القدماء».
ووثق «إيهاب» جولته داخل المتحف الكبير بتصوير مقطع فيديو بهاتفه المحمول، دون استخدام حامل الكاميرا أو عصا السيلفى حفاظًا على القطع الأثرية، ودون الإخلال بسير الجولة أو راحة الزوار الآخرين.
وأكد أن ما يميز المتحف ليس فقط كنوزه الأثرية، بل أيضًا التنظيم الدقيق، وحسن الاستقبال، والاهتمام بتوفير تجربة متكاملة للزائر منذ لحظة دخوله حتى خروجه، كما أن الموظفين مدربون بشكل راق، والإرشادات واضحة، والخدمات متاحة بكل سهولة.
وقال: «خرجت من المتحف بذاكرة ممتلئة بالصور، وقلب ممتلئ بالفخر، فالمتحف المصرى الكبير ليس فقط صرحًا معماريًا، بل نافذة حقيقية على عبقرية المصرى القديم، ورسالة حديثة تؤكد أن مصر لا تزال تصنع التاريخ».
أما نادية محمد، المهتمة بالآثار، فوجهت رسالة، قائلة: «لو لسه ماروحتش المتحف المصرى الكبير، فإنت فعلًا فايتك كتير».
وأوضحت «نادية»: «المتحف صرح من أهم وأضخم المشاريع الثقافية فى القرن الحادى والعشرين». وأضافت: «أكثر ما يميز المتحف هو أنه يقع عند سفح الأهرامات، فى منطقة الجيزة، ويُعد أكبر متحف أثرى فى العالم مخصص لحضارة واحدة. وبعد سنوات من الترقب، فُتحت أبوابه جزئيًا للجمهور، لتبدأ رحلة فريدة داخل عالم من الأسرار الملكية والقطع النادرة».
وعن زيارتها، قالت: «بدأت الزيارة من البوابة الرئيسية، وسط تنظيم أمنى محكم وترحيب من طاقم الاستقبال. وأسعار التذاكر تناسب الجميع. وما إن تطأ قدماك بهو المدخل حتى تجد نفسك أمام تمثال ضخم للملك رمسيس الثانى، شامخًا فى استقبال زواره، فى مشهد يوحى بالعظمة، ويؤكد أن الزائر على موعد مع تجربة لا تُنسى».
وأكدت أن تصميم المتحف مثالى؛ إذ يمكن الزائر من التنقل بين قاعات العرض التى تُفتح تدريجيًا، فيجد قطعًا أثرية نادرة ومصممة بأسلوب عرض حديث يراعى تسلسل الحقب الزمنية والتفاعل البصرى، إلى جانب منطقة بانورامية تطل على المتحف بالكامل.
خبراء ومرشدون: محطة فارقة فى جذب السياحة بالتزامن مع تطوير منطقة الأهرامات
وصف محمد الخطيب، مرشد سياحى، المتحف المصرى الكبير بأنه «المشروع السياحى والثقافى الأبرز فى السنوات الأخيرة»، مشيرًا إلى أن الاستعدادات جارية على قدم وساق حاليًا لافتتاحه فى يوليو المقبل.
وقال «الخطيب»، لـ«الدستور»، إن هذا الافتتاح يمثل محطة فارقة فى جذب السياحة العالمية، لما يمثله المتحف المصرى الكبير من قيمة أثرية ومعمارية فريدة، لافتًا إلى أهمية المشروعات المرتبطة به، على رأسها تطوير منطقة الأهرامات.
وأضاف المرشد السياحى: «منطقة الأهرامات ظلت سنوات طويلة تفتقر لأى أعمال تطوير حقيقية، رغم أنها تعد من أهم المقاصد السياحية، ليس فقط فى مصر، بل على مستوى العالم، لكن المشهد بدأ يتغير فى الفترة الأخيرة، بفضل خطط التطوير الشاملة التى تقودها الدولة».
وواصل: «افتتاح البوابة الجديدة لمنطقة الأهرامات شكّل بداية قوية ومبشرة نحو تحسين تجربة السياح والوافدين. كما أن التحول إلى استخدام أتوبيسات داخلية لنقل الزوار بين محطات الأهرامات فكرة ممتازة، لما توفره من تنظيم كبير، يسهم بدوره فى تقليل التكدس».
ورغم إشادته بهذه الأتوبيسات، رأى «الخطيب» أن تطبيق الفكرة على أرض الواقع ما زال بحاجة إلى تحسينات، موضحًا أنه «مع زيادة أعداد الزوار والزحام اليومى، أصبح من الصعب التنقل بسلاسة عبر الأتوبيسات التى تتوقف عند كل محطة، ومع وجود كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، يستهلك الصعود والنزول المتكرر وقتًا وجهدًا».
ودعا إلى توفير مظلات ومقاعد فى محطات التوقف، لتوفير الراحة للزوار، إلى جانب التفكير فى حلول عملية لتقليل التكدس وتحسين إدارة الحركة داخل الأهرامات، مع ضرورة تقنين أوضاع الباعة الجائلين، ليس فى الأهرامات فقط، بل فى جميع المناطق السياحية والثقافية التى تم افتتاحها مؤخرًا ضمن خطة الدولة لتطوير القطاع السياحى، ما يضمن صورة حضارية تليق بمكانة مصر التاريخية.
واختتم المرشد السياحى بقوله: «كل ما يحدث اليوم من تطوير ينعكس بشكل مباشر على تنشيط السياحة، وبالتالى دعم الاقتصاد الوطنى، ونحن فى القطاع حريصون على مواكبة هذا التطور، وتوفير أفضل تجربة ممكنة للسائحين، لأن راحتهم هى مفتاح نجاحنا».
ووصف الدكتور حسام هزاع، الخبير السياحى، المتحف المصرى الكبير بأنه مزيج فريد من الحضارة العريقة والتقنيات المتطورة فى أساليب العرض المتحفى الحديثة، ما يجعله فى مصاف المتاحف العالمية من حيث التقدم والابتكار، مضيفًا: «المتحف يتميز بتفرده، إذ لا يوجد فى العالم متحف يضم ١٠٠ ألف قطعة أثرية تنتمى لحضارة واحدة».
وشدد على أن المشروعات السياحية الكبرى تعد واحدة من الركائز الأساسية فى استراتيجية الدولة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، لمساهمتها فى تنويع مصادر الدخل القومى، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، وتنشيط قطاعات أخرى مرتبطة بالسياحة مثل النقل والتجارة والخدمات.وواصل: «المشروعات السياحية الثقافية الكبرى، مثل المتحف الكبير، وتطوير منطقة الأهرامات، والمتاحف الأخرى، تمثل نقلة حضارية كبرى لمصر، وصرحًا علميًا وثقافيًا يعزز من مكانة البلاد على الخريطة السياحية الدولية، خاصة فى مجال السياحة الثقافية».
ونبه إلى أن السياحة الثقافية لا تمثل حاليًا سوى ٣٪ من إجمالى الحركة السياحية فى مصر، ما يمنح المشروعات السياحية الثقافية مثل المتحف المصرى الكبير فرصة كبيرة للعب دور محورى فى تنشيط هذا النوع من السياحة، وتقديم تجربة سياحية متكاملة ومتميزة تجمع بين المعرفة والمتعة.