مع بدء التشغيل الرسمى لخدمات الجيل الخامس فى مصر يشهد قطاع الرعاية الصحية تحولًا جذريًا نحو مستقبل رقمى متكامل، يعيد رسم خريطة تقديم الخدمات الطبية، فبفضل السرعات الفائقة التى توفرها هذه الشبكات، والتى تتجاوز الجيل الرابع بأكثر من عشرة أضعاف، وزمن الاستجابة الفورى الذى لا يتجاوز جزءًا من الألف من الثانية، تبرز فرص غير مسبوقة لإعادة هيكلة المنظومة الصحية على أسس أكثر عدالة وكفاءة.
توفر تقنية الجيل الخامس البنية المثالية لتطبيقات الطب عن بعد، إذ أصبح بإمكان الأطباء تقديم استشارات عبر الفيديو بجودة عالية دون تقطيع، ما يفتح المجال للتشخيص السريع والدقيق، كما يمكن نقل بيانات الأشعة والتحاليل الحيوية لحظيًا، بما يمكن الفرق الطبية من اتخاذ قرارات علاج فورية وفعالة.
تأتى الأجهزة القابلة للارتداء كأحد أبرز تطبيقات هذه التقنية، حيث تراقب المؤشرات الحيوية للمريض على مدار الساعة، مثل ضربات القلب ونسبة الأكسجين، وترسلها لحظيًا إلى الأطباء، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم الحالة، خاصة لكبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة.
وتمثل تقنية الجيل الخامس قبلة الحياة للمواطنين فى القرى والمناطق النائية، حيث تمكن من ربط أكثر من ٥٠٠ مركز صحى بالمستشفيات الجامعية فى المدن الكبرى، فى مشروع موسع للتشخيص والعلاج عن بعد، هذا الربط يتيح لملايين المصريين تلقى رعاية طبية متخصصة من أساتذة واستشاريين دون الحاجة للسفر أو تحمل أعباء مالية مرهقة، ما يُحدث نقلة نوعية فى العدالة الصحية.
ولا تقتصر الطفرة على الخدمات الحالية، بل تمهد الطريق لمستقبل الطب الذكى، مثل الجراحات عن بعد باستخدام الروبوتات الجراحية المتصلة بشبكة 5G، حيث يمكن للطبيب التحكم الدقيق بالأدوات الجراحية من أى مكان فى العالم، بما يفتح آفاقًا لإنقاذ المرضى فى المناطق البعيدة أو فى حالات الطوارئ.
كما يدعم الجيل الخامس تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الطبية الضخمة، ما يمكن من التشخيص الدقيق ووضع خطط علاج مخصصة، ويقلل من الخطأ البشرى فى اتخاذ القرار الطبى.
يعد دخول 5G إلى منظومة الصحة فى مصر خطوة جوهرية نحو بناء منظومة أكثر كفاءة وإنصافًا، فهو لا يعزز فقط جودة الخدمة، بل يؤكد التزام الدولة بتحقيق أهداف «مصر الرقمية»، وبناء مجتمع صحى ذكى يقدم الرعاية الطبية كحق أساسى لكل مواطن، فى أى مكان، وبأعلى كفاءة ممكنة.
