صرخة من أجل أصحاب المعاشات

علي سعدة

فى خضم التحديات الاقتصادية الراهنة التى تمر بها بلادنا، وفى ظل سعى الدولة الدائم لتحقيق الاستقرار المالى والتنمية المستدامة تبرز قضية شريحة مهمة وأساسية فى مجتمعنا، لا يجوز أن تغفلها أى سياسة اقتصادية رشيدة.. إنها أصحاب المعاشات.
هذه الفئة التى أفنت زهرة شبابها وعمرها فى خدمة الوطن وبناء مؤسساته تجد نفسها اليوم فى مواجهة تحديات تزداد قسوة مع كل قرار اقتصادى جديد يمس مصدر دخلها الوحيد.
إن مبدأ العدالة الاجتماعية يفرض علينا أن ننظر بعين الاعتبار والتقدير لمن أفنى عمره فى العمل. فأصحاب المعاشات، وكما هو معلوم للجميع، يعتمدون بشكل شبه كلى على المعاش الشهرى الذى يتقاضونه، والذى غالبًا ما يكون هو الدخل الأساسى لهم ولأسرهم، بالإضافة لفوائد بنكية بسيطة من مدخراتهم أو ما ورثوه من ذويهم.
ومع ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية للجنيه، بات هذا المعاش بالكاد يغطى الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وإيجار.
ومع ذلك تزداد الأعباء على كاهل هذه الشريحة عندما نتحدث عن فوائد البنوك، فكثير من أصحاب المعاشات يلجأون إلى إيداع مدخراتهم، إن وجدت، فى البنوك للحصول على عائد شهرى أو دورى يعينهم على تكاليف الحياة ومع أى قرارات بخفض أسعار الفائدة على الودائع تتضاءل هذه العوائد، ليجد أصحاب المعاشات أنفسهم أمام خيار صعب، إما سحب مدخراتهم والمجازفة بضياعها، أو تركها فى البنوك بعائد لا يسد الرمق.
لقد آن الأوان لأن تتخذ الدولة إجراءات استثنائية لحماية أصحاب المعاشات من هذه التحديات.. فإذا كانت السياسات النقدية تتطلب فى بعض الأحيان تخفيضًا لأسعار الفائدة لدعم الاستثمار وتحفيز الاقتصاد فإنه يجب أن يكون هناك استثناء واضح لهذه الشريحة. 
لماذا لا يتم النظر فى آليات تضمن لأصحاب المعاشات زيادة دورية فى معاشاتهم تتناسب مع معدلات التضخم لضمان قدرتهم على العيش الكريم؟ ولماذا لا يتم استثناء ودائعهم من تخفيضات أسعار الفائدة، أو على الأقل توفير برامج ادخارية خاصة بهم ذات عوائد مجزية ومستقرة؟
إن حماية أصحاب المعاشات ليست مجرد واجب أخلاقى، بل هى ضرورة اقتصادية واجتماعية. فإذا انهار دخل هذه الفئة فسيؤثر ذلك سلبًا على قدرتها الشرائية، وبالتالى على النشاط الاقتصادى ككل، كما أن عدم الاستقرار المالى لأصحاب المعاشات قد يدفعهم إلى البحث عن مصادر دخل غير مستقرة ما يعرضهم لمزيد من المخاطر.
فى الختام.. أدعو صناع القرار إلى إعادة النظر فى كيفية التعامل مع ملف أصحاب المعاشات.. يجب أن تكون هناك رؤية شاملة تضمن لهم حياة كريمة ومستقرة، بعيدًا عن تقلبات الأسواق وتحديات الاقتصاد. إن الاعتراف بقيمة ما قدموه للوطن وحماية مصدر دخلهم الوحيد هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهذه الفئة التى تستحق منا كل التقدير والاحترام.