في مشهد تتداخل فيه السياسة بالطاقة، وتتشكل فيه ملامح المستقبل من رحم الأرقام، يبرز الغاز الطبيعي كملك متوّج على عرش الكهرباء في العالم العربي، خاصة داخل دول الخليج. لم يعد الأمر مجرد خيار اقتصادي، بل تحوّل إلى نمط حياة طاقي، تُبنى عليه استراتيجيات التنمية، ويُعاد رسم خريطة الاعتماد على الموارد.
فما هي الدول التي سجّلت أعلى اعتماد على الغاز في توليد الكهرباء؟ وكيف تتوزع النسب في مزيج الطاقة العربي؟ إليكم التفاصيل بلغة الأرقام والتحليل.
تصاعد الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيس لتوليد الكهرباء
في عام 2024، شهدت خريطة الطاقة الكهربائية في الدول العربية تحولات لافتة، كان أبرزها تصاعد الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيس لتوليد الكهرباء، خاصة في منطقة الخليج.
وبحسب بيانات صدرت مؤخرًا عن وحدة أبحاث الطاقة، تصدرت قطر قائمة الدول العربية بنسبة مذهلة بلغت 99.76%، متفوقةً بفارق طفيف على البحرين التي سجلت 99.75%.
هذا التفوق الخليجي لم يكن استثناءً، إذ جاءت الجزائر في المرتبة الثالثة بنسبة 99%، تلتها تونس بنسبة 95%، ما يعكس مكانة الغاز كعنصر أساسي في منظومة الطاقة شمالًا وجنوبًا.
في المركز الخامس حلّت سلطنة عمان بنسبة 93.06%، متبوعة بمصر التي بلغت نسبة اعتمادها على الغاز 81.7%، فيما تنوعت مساهمات مزيج الطاقة فيها لتشمل الكهرومائية والرياح والشمس، في دلالة على انفتاح تدريجي على المصادر المتجددة.
أما ليبيا، فقد جاءت سابعًا بنسبة 76%، يليها الأردن بنسبة 73%، حيث تلعب الشمس والرياح دورًا متزايدًا في سد الفجوة المتبقية، والإمارات بدورها حافظت على مكانة متقدمة في المركز التاسع بنسبة 72% من الغاز، مع حضور لافت للطاقة النووية (19.5%) والطاقة الشمسية (8.3%).
السعودية، صاحبة الخطط الطموحة في تحول الطاقة، حلّت عاشرًا بنسبة 62.7%، مع اعتماد لا يزال كبيرًا على النفط بنسبة 36%، فيما لا تتجاوز مساهمة الطاقة المتجددة 0.5%.
أما في مراكز متأخرة، فقد حل العراق بنسبة 58.2% اعتمادًا على الغاز، والكويت بنسبة 51%، بينما استمر النفط كلاعب مهم في هذه الدول.
اللافت في التقرير أن التحول نحو الطاقة النظيفة لا يزال في بدايته لدى بعض الدول، في حين تتسابق أخرى لتعزيز قدراتها الغازية بوصفها جسرًا إلى مصادر أنظف في المستقبل.
التحول نحو الطاقة النظيفة لا يزال في بدايته لدى بعض الدول
وهذا التحول في مزيج الكهرباء العربي يشير إلى مرحلة جديدة من التفكير الاستراتيجي في استغلال الموارد، وتحقيق التوازن بين الكفاءة والتنوع البيئي.