الأغنية الإلهية.. الأسرار الكاملة لـ«القلب يعشق كل جميل»

أذيعت قصيدة «القلب يعشق كل جميل» فى عام ١٩٧٢

بالصلوات اعتاد المسلمون فى كل مكان وزمان التقرب إلى الله، وبالصوم والزكاة والفروض وأركان الإسلام الخمسة حرص الموحدون بالله وأتباع سيدنا ونبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، على عدم التفريط فى عقيدتهم، بحثًا عن دنيا تقربهم إلى آخرة بها جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. من كان يتخيل أن يأتى يوم تتحرك مشاعر المسلمين فيه بكلمات قصيدة غنائية ترسم لهم إحدى أهم شعائرهم المقدسة، وهى رحلة الحج والطواف ببيت الله الحرام. لوحة فنية تنطق بالإبداع وتسحر الوجدان وتٌلهم العاطفة، وتزيدها شوقًا وعطشًا إلى زيارة البيت المعمور. كيف لا يشتاق من يسمع: «مكة وفيها جبال النور.. طلة على البيت المعمور»، وكيف يتنحى من يسير على طريق التوبة حينما ترتقى لآذانه: «مسيرك يوم تخضعنى وتجيلى، طاوعنى يا عبدى طاوعنى أنا وحدى». من هُنا لديه القدرة ألا يطاوع؟! كيف لا يطاوع العقل والقلب أمام «سلملنا تسلم»، حتى يصل صاحبهما إلى سدرة المنتهى ليلبى النداء وهو يسمع: «دعانى لبيته.. لحد باب بيته».

 

كلمات نجح بها شاعر نفحه الله موهبة جعلته يترك إرثًا يشبه الصدقة الجارية، وتجعل جميع المسلمين حول العالم يتذكرون بالرحمات ويدعون بالمغفرة لأحد عباقرة هذا الزمان هو «بيرم التونسى»، بعد أن كتب رائعة وجوهرة ثمينة عاشت وستحيا أمد الدهر: قصيدة «القلب يعشق كل جميل»، ليلحنها بأنامل من ذهب ويشاركها ثواب السميعة رياض السنباطى، قبل أن تغلف تلك الدرة المكنونة صوت «كوكب الشرق» السيدة «أم كلثوم».

فى عام ١٩٧٢، كان العالم العربى والإسلامى على موعد مع صوت جاء إليهم من أم الدنيا، يُدل من ضل طريق الرقى، صوت يُدندن فى شموخ: «القلب يعشق كل جميل»، تلك التحفة الفريدة من نوعها، التى جمعت نقاء وبساطة العامية المصرية ووقار الموسيقى الكلاسيكية، ونقلت صورة حية لمناسك بيت الله الحرام، حتى أصبحت القصيدة أيقونة ارتبطت فى أذهان المصريين والمسلمين فى شتى أنحاء الكرة الأرضية بموسم الحج، قصيدة تعلقت بها قلوب المسلمين قبل آذانهم، لتبقى وتعيش حتى يفنى الله عز وجل الأرض ومن عليها.

قصيدة «القلب يعشق كل جميل» مرت بالعديد من المفارقات منذ بداية تكوينها حتى إذاعتها للمرة الأولى عام ١٩٧٢، فبعد أن عاد بيرم التونسى من رحلة الحج ولا يشغل ذهنه إلا هول ما رآه من عظمة وهيبة تجلت أمام عينيه مع أول نظرات للكعبة انهمرت فيها دموعه، وحينها قرر أن يكتب «القلب يعشق كل جميل» لتكون بمثابة تجربة حية لكل من لم يُرزق بمنحة الله له بزيارة بيته الحرام، وتزيد العاشق لهفة للزيارة، حتى خرجت كلمات القصيدة التى تحولت بمرور الأيام إلى طقس رسمى يميز موسم الحج فى شتى بقاع الأرض، إلا أن بيرم التونسى وبعد عرضه كلمات القصيدة على كوكب الشرق أم كلثوم رفضت ثومة غناء الكلمات فى البداية ثم اعترضت على ألحان الشيخ زكريا أحمد الذى قام بتلحين القصيدة فى بداية الأمر، لتذهب القصيدة أدراج الرياح يجرفها النسيان ومرور الأيام، ويرحل عن الحياة كاتبها بيرم التونسى وملحنها الشيخ زكريا أحمد دون أن يروا ثمرة ما قدموه ويدركوا هذا النجاح وردود الأفعال التى مازال صداها لم ينته حتى اليوم وبعد مرور مايقارب نصف قرن من الزمان على تقديم القصيدة، لتعود السيدة أم كلثوم وفى العام ١٩٧٢ لتطلب من الملحن الكبير «رياض السنباطى» إعادة تلحين القصيدة من جديد بلحن يختلف عما قدمه الشيخ زكريا أحمد، وبالفعل لحن السنباطى القصيدة بشكل جديد به من التلقائية والبساطة ما جعلها تصل لآذان الناس وقلوبهم بسرعة كبيرة جعلها تترسخ فى عقل المستمع قبل آذانه.

ومن مفارقات قصيدة «القلب يعشق كل جميل» أيضًا ماحدث مع السيدة أم كلثوم نفسها أثناء تقديم الأغنية لأول مرة على مسرح دار قصر النيل، وكان من بين الجالسين فى الصفوف الأولى شاب يستمع إلى الكلمات ودموعه تنهمر وخصوصًا عندما رددت أم كلثوم آخر الأبيات والتى تقول «دعانى لبيته.. لحد باب بيته، وأما تجلى لى.. بالدمع ناجيته» ولم يكن هذا الشاب سوى «أيمن» نجل مؤلف الأغنية الشاعر بيرم التونسى.

ونحن نحتفى هذه الأيام بحج بيت الله الحرام، تقدم «الدستور» احتفاءً خاصًا بقصيدة قلوب كل المسلمين فى هذا الموسم: «القلب يعشق كل جميل»، احتفاء شارك فيه شهود على العصر ممن كانوا على مقربة من صناع العمل التاريخى وعلى رأسهم المستشار محمود بيرم التونسى حفيد الشاعر الكبير بيرم التونسى، مرورًا بكابتن طيار «محمد رياض السنباطى» نجل الملحن الكبير رياض السنباطى، ليستمر الاحتفاء مع مريدى القصيدة وعلى رأسهم شاعر العامية الكبير جمال بخيت، ليكتمل احتفاء «الدستور» بمشاركة من الداعية الصوفى الحبيب على الجفرى، ورجال الأزهر الدكتور أحمد كريمة والشيخ أحمد تركى العالم الأزهرى، ليكشف كل هؤلاء عن أسرار وحكايات وتفنيد كل من وجهة نظره عن القصيدة التى ما زالت تبوح بأسرارها رغم مرور ما يزيد على نصف قرن من الزمان على تقديمها للجمهور.

محمد رياض السنباطى: العُزلة وفنجان القهوة سر عبقرية اللحن الخالد

محمود بيرم التونسى: الكعبة ألهمت جدى كلمات القصيدة

أحمد ترك: أغانى مدح الشعائر والمناسك «حلال»

جمال بخيت: صُناعها «قفلوا باب الإبداع وراهم»

أحمد كريمة: جوهرة ثمينة.. وتحريمها «جنان»

الحبيب الجفرى: تحتوى على عمق المخاطبة مع الله.. والكلمات تحرك القلب

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق شباب المراغة ينظمون لقاءً جماهيريًا حاشدًا بحضور نائب محافظ سوهاج
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل