قال الدكتور عمر طعيمة، رئيس هيئة الثروة المعدنية الأسبق، إن موافقة مجلس النواب على قانون تحويل الهيئة إلى كيان اقتصادى يمنحها المرونة الكاملة لتوقيع شراكات مع كبرى الشركات العالمية، والدخول فى استثمارات مباشرة، وإنشاء شركات تابعة تعمل فى مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج والتسويق، بما يخلق سلسلة إنتاج متكاملة تحوّل الخامات إلى منتجات نهائية قابلة للتصدير، بدلًا من تصدير المواد الخام بأسعار زهيدة.
وأضاف «طعيمة»، لـ«لدستور»، أن هذا التحول يتيح أيضًا مساحة أوسع لتطبيق التكنولوجيا الحديثة فى عمليات التنقيب والمعالجة، ويضع الهيئة فى قلب الحراك الاقتصادى الجديد الذى يستهدف رفع كفاءة القطاعات الإنتاجية وتوطين الصناعة والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن مصر غنية بثروات تعدينية لم تُستغل بالشكل الأمثل، بدءًا من الذهب والفوسفات والكوارتز وصولًا إلى النحاس والفلسبار والمعادن الأخرى، وأن الحاجة إلى هيئة اقتصادية تتمتع بالاستقلالية والمرونة أصبحت أمرًا حتميًا.
وأوضح أن القيادة السياسية تدرك جيدًا أهمية هذا القطاع، وتعمل على تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لجذب الشركات الكبرى، وتعزيز دور مصر كمركز إقليمى فى صناعة التعدين.
وأكد أن المرحلة المقبلة تتطلب الإسراع فى إنهاء الإجراءات التنفيذية الخاصة بالتحويل، ووضع الهيكل التنظيمى الجديد للهيئة بما يضمن وضوح الأدوار وتكامل المهام، إلى جانب إعداد برامج تدريب متقدمة للكوادر الهندسية والفنية القادرة على التعامل مع متطلبات المرحلة الجديدة، ويبرز فى هذا السياق أهمية إنشاء شركات متخصصة تتبع الهيئة فى مجالات الاستكشاف والنقل والمعالجة، لتكون الذراع التنفيذية للخطط الاستثمارية، وتسهم فى خلق فرص عمل وتحقيق التنمية فى المناطق الغنية بالثروات المعدنية.
وقال «طعيمة» إنه فى ظل هذا التحول تبرز الحاجة إلى تبنى سياسة جديدة تعتمد على توسيع قاعدة القيمة المضافة من خلال إقامة مصانع لمعالجة الخامات، وتشجيع الاستثمارات فى مجالات الصناعات المعدنية التحويلية، ما يسهم فى مضاعفة العائدات وتقليل الفاقد وتعزيز التنافسية فى الأسواق الدولية.
ولفت إلى أن وجود هيئة اقتصادية سيعزز قدرة الدولة على التفاوض مع المستثمرين بشروط تحقق التوازن بين العائد الاقتصادى والمحافظة على حقوق الدولة والثروات الطبيعية للأجيال القادمة، كما أن هذا التوجه يواكب التحديات العالمية فى قطاع التعدين، ويضع مصر فى موقع تنافسى مهم، خاصة فى ظل الارتفاع المتواصل فى الطلب العالمى على المعادن النادرة والاستراتيجية، والتى تمتلك مصر احتياطيات واعدة منها.
وأشار إلى أنه مع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعى والاستشعار عن بُعد فى رسم الخرائط الجيولوجية وتحديد أولويات التنقيب، تصبح الهيئة أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم الخريطة الاستثمارية للثروات المعدنية فى البلاد، مؤكدًا أن القرار يحمل فى جوهره رسالة واضحة بأن الدولة لم تعد تقبل بإهدار الثروات، وأنها ماضية نحو إصلاح شامل فى قطاع ظل لسنوات طويلة حبيس البيروقراطية والتراخيص المؤجلة والفرص المهدرة، كما يبعث برسالة طمأنة للمستثمرين مفادها بأن مصر جادة فى تطوير بيئة أعمال جاذبة وشفافة، تضع فى أولوياتها تحقيق الاستقرار القانونى والمرونة الإدارية والشراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن الرهان الآن على التنفيذ، وعلى سرعة التحرك فى الميدان، وتفعيل الشراكات مع الجامعات والمراكز البحثية لتطوير تكنولوجيا الاستخراج والمعالجة، والتوسع فى برامج التأهيلين الفنى والهندسى، والربط بين الهيئة الاقتصادية الجديدة ومشروعات التحول الصناعى فى الدولة، فمصر تمتلك المقومات والخامات والموقع، ولم يكن ينقصها سوى القرار، وقد جاء القرار وحان وقت البناء.