تحدث الكاتب كمال زاخر، عن الخط الذي تبناه الكاتب صبحي موسي، في كتابه مأزق التنوير العربي، وذلك خلال مناقشة الكتاب في الجمعية المصرية للتوير.
دور محمد علي في إيقاظ الأمة العربية
وأوضح “زاخر”: في الفصل الأول يقدم الكاتب عدة إجابات فلسفية وتعريفية عن ماهية التنوير، ثم ينتقل إلى تجربة محمد علي ورؤيته أثناء شروعه لبناء دولة حديثة، وحروبه التي خاضها خارج مصر وداخلها، ويشير الكاتب في ملمح يفكك غموض الصراع بين جبهتي السعي للنهضة: بين من يرى تحققها بالتمثل بالغرب وبين من يراها في العودة إلى أنساق الماضى، حين يشير إلى "حرب المورة" التى خاضها محمد علي بتكليف من السلطان محمود الثاني لإخماد الثورة التي قامت في اليونان، والتى تعد "تعبيرًا واضحًا عن تغير ميزان القوى من الشرق إلى الغرب، وما كان للغرب أن يترك اليونان تحت براثن الاحتلال العثمانى.
ويستعرض الكاتب دور محمد علي في إيقاظ الأمة العربية، كما يتعرض لإنجازات خلفاء محمد علي، ويشير إلى قيام الوالي سعيد باشا بإعفاء الأقباط من دفع الجزية، ثم يتوقف عند الخديوي إسماعيل، وتحويله مجلس المشورة إلى مجلس شورى النواب، ليعرف المصريون الطريق لانتخاب ممثليهم فيه، ويطور النظام الإداري للبلاد، وكذلك القضاء، ويفتتح قناة السويس، ويطور البنية المعمارية للقاهرة بعد انتقال مقر حكمه الى قصر عابدين، ويقوم بالعديد من الانجازات في مجالات التعليم والصحة والتخطيط العمراني والصحافة.
ويستدرك “زاخر”: لكن الكاتب يشير إلى أن إسماعيل ما كان له أن يسمح لخط التنوير أن يمتد على استقامته، لتفادي المساس بأي من مكتسباته أو امتيازاته كحاكم مطلق اليد، ليظل التنوير بمثابة منحة من الحاكم، وليس مكتسبًا أصليًا حارب الناس من أجله حتى نالوه، وينقل الكاتب عن د. علي مبروك، ما أورده في كتابه "لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا" قوله "أن المثقف لم ينشغل بأن تكون لحداثته سلطة من داخلها، وظل يعوِّل على الدوام على تلك السلطة من خارجها، وهى سلطة الدولة، لذلك فإن الحداثة ظلت مطية الدولة". وينتهى أن التنوير انتكس مع الاحتلال البريطاني.
ويضيف: بين آباء التنوير واتجاهات التنوير ومشروعات التنوير يقترب الكاتب من فكر وأطروحات عديد من الرموز التي ظهرت وتفاعلت ـ إيجابًا وسلبًا ـ مع طرح التنوير ومساراته، والذى تبلور فى ثلاثة اتجاهات؛ تيار وطني وتيار قومي عربي وتيار أممي اسلامى.
وفيما لم يستطع التياران الأولان إحداث تغيير فاعل فى معركة التنوير استطاع الأخير أن يرسخ أقدامه بفعل وتأثير سيطرة الثقافة الدينية على الريف المصري بطبقاته.
ويُرجِع الكاتب تعثر التيار التنويري إلى أنه لم يدرك أن الاقتصاد يأتي أولًا فدائمًا ما يكون النهوض اقتصاديًا أولًا وحين يَفعَل الاقتصاد فعله فى نفوس الناس، تبدأ العقول فى الانتباه إلى الفنون والآداب، وتأخذ فى الخروج من سردية الأديان القديمة، والتفكير في الحقوق والحريات. ووضع دساتير تنزع من الحكام ما يعتقدون أنه حقهم الإلهى، وتقيم توازنًا بين مؤسسات الدولة، بما يضمن للشعوب أن تكون مصدرًا للسلطة. ويتم تداول السلطة عبر الانتخاب الديمقراطي".