بمناسبة ذكرى ميلاده..
في سماء الأدب المصري، يظل نجيب سرور (1 يونيو 1932 - 24 أكتوبر 1978) نجمًا فريدًا، لا يكتمل الحديث عن الشعر والثورة والجنون دون أن يُذكر اسمه؛ فهو شاعر، مسرحي، ناقد، عاشق للحرية والحق، لكنه أيضًا غاضب، قلق، جريح، ولم يكن مجرد كاتب يصف الواقع، بل عاشه وواجهه وتمرّد عليه حتى النهاية.
نشأة نجيب سرور
ولد نجيب سرور في قرية إخطاب بمحافظة الدقهلية عام 1932، وسط بيئة ريفية شكّلت وجدانه، وزرعت فيه إحساسًا مبكرًا بالفقر والظلم الاجتماعي، وهو ما تجلّى في معظم كتاباته، والتحق بكلية الحقوق، لكنه سرعان ما غادرها إلى المعهد العالي الفنون المسرحية، حيث وجد نفسه في عالم الإبداع.
نجيب سرور.. من الشعر إلى المسرح
أضاءت موهبته الشعرية مبكرًا، وكان ديوانه الأول "الطوفان الكبير" عام 1962 إعلانًا عن شاعر لا يشبه سواه، لغته حادة، صادمة، مشبعة بالغضب، لكنها أيضًا مشبعة بالصدق والجرأة، وامتلكت طاقة شعرية نادرة، ولم يكن نجيب سرور شاعرًا ناعمًا، بل "شاعر المقاومة" الذي أطلق كلماته كطلقات رصاص في وجه الاستبداد، والتزييف، والنفاق السياسي والاجتماعي.
برع أيضًا في المسرح، وكتب مسرحيات ذات طابع شعري وفكري، ومن أبرزها "ياسين وبهية"، التي جمعت بين الفولكلور الشعبي والرؤية السياسية، و"آه يا ليل يا قمر"، و"الأحلام"، وغيرها، مقدمًا تجربة مسرحية كانت سابقة لعصرها.
لم يحتمل نجيب سرور القمع ولا النفاق، فانقلبت عليه السلطة، وضاقت به الحياة، وانتهى به المطاف في مستشفيات الأمراض العقلية، في واحدة من أكثر الحكايات المأساوية في تاريخ الثقافة المصرية، ومع ذلك، ظل يكتب حتى وهو في أقسى لحظاته، وكانت كلماته تشهد على وعي حاد، ورؤية نافذة، وإيمان لا يتزعزع بدور الكلمة.
"الأميات" الديوان الأشهر لـ نجيب سرور
بعد وفاته عام 1978، لم يخفت صوته، بل ظل ديوانه الأشهر "الأميات"، الذي لم يُنشر رسميًا إلا بعد وفاته، صرخة متجددة في وجه كل ما قاومه، وشاهدًا على شاعر قرر أن يحرق نفسه ليضيء للآخرين الطريق، و"الأميات" ليس مجرد مجموعة شعرية، بل وثيقة احتجاج شعري وإنساني من شاعر دفع ثمن كلمته غاليًا.