أثر إرنست هيمنجواي تأثيرا كبيرا في الأدب الأمريكي والعالمي ولا علاقة للموضوع برواية العجوز والبحر أو الشيخ والبحر التي ترجمت مئات المرات وانتشرت عبر العالم كما تنتشر النيران في الهشيم وإنما كان اللأمر علاقة مباشرة بتأثير هيمنجواي الشخصي وشغله الصحافة والرأى العام الأمريكي في الفترة التي عاش فيها مطلع القرن العشرين
العجوز والبحر
مثلت رواية العجوز والبحر سردية مختلفة ذلك أنها تصلح لكل زمان ومكان فالعبرة هما أو الحكمة الكامنة خلف ستار الرواية يمكن لأي كان من أي ثقافة فهمها فالعجوز ضد البحر وضد الحوت، والصبر هو الميزان الذي يحسم في النهاية ما تستقر عنده الأمور.
سيرة هيمنجواي
يعد إرنست هيمنجواي من أهم الروائيين وكتاب القصة الأمريكيين، فقد لقب بـ"بابا"، وحصد جائزة نوبل في الأدب فى عام 1954، ولد إرنست هيمنجواي، الابن الأول لكلارنس إدموندز هيمنجواي وهو طبيب، في إحدى ضواحي شيكاغو، تلقى تعليمه في المدارس العامة وبدأ الكتابة في المدرسة الثانوية، حيث كان نشطًا ومتميزًا، لكن الأجزاء الأكثر أهمية من طفولته كانت الصيف الذي قضاه مع عائلته على بحيرة والون في ميشيجان العليا، بعد تخرجه من المدرسة الثانوية في عام 1917، لم يلتحق بالجامعة، متلهفًا لبيئة أقل حماية، بل ذهب إلى مدينة كانساس، حيث عمل كمراسل لصحيفة ستار.
تمكن من دخول الحرب العالمية الأولى كسائق سيارة إسعاف للصليب الأحمر الأمريكي، في 8 يوليو 1918، ولم يكن قد بلغ التاسعة عشرة من عمره بعد، أصيب على الجبهة النمساوية الإيطالية في فوسالتا دي بيافي، حصل على وسام البطولة ودخل المستشفى في ميلانو.
بعد أن تعافى في وطنه، جدد هيمنجواي جهوده في الكتابة، وعمل لفترة في وظائف غريبة في شيكاغو، وأبحر إلى فرنسا كمراسل أجنبي لصحيفة تورنتو ستار، وبنصيحة وتشجيع من كتاب أمريكيين آخرين في باريس - ف. سكوت فيتزجيرالد، وجيرترود شتاين، وعزرا باوند - بدأ يرى أعماله غير الصحفية تظهر مطبوعة هناك، وفي عام 1925 نشر أول كتاب مهم له، وهو مجموعة من القصص بعنوان نشر كتاب "في عصرنا " في مدينة نيويورك، وتم إصداره لأول مرة في باريس عام 1924.
في عام 1926 نشر "تشرق الشمس أيضًا"، وهى رواية حقق بها أول نجاح باهر له، رواية متشائمة لكنها متألقة، وفيها يتناول مجموعة من المغتربين بلا هدف في فرنسا وأسبانيا ـ أعضاء حزب ما بعد الحرب العالمية الثانية، الجيل الضائع، وهى العبارة التي احتقرها هيمنجواي أثناء شهرتها، كما قدمه هذا العمل إلى الأضواء، وهو ما كان يتوق إليه ويكرهه طوال بقية حياته، كما ظهرت رواية هيمنجواي "سيول الربيع"، وهي محاكاة ساخرة لكتاب الكاتب الأمريكي شيروود أندرسون " الضحك المظلم"، في عام 1926.
هيمنجواي ونوبل
يبدو أن جائزة نوبل لم تكن صاحبة يد بيضاء على مبدع "العجوز والبحر" الذى لم يستطع أن يستمتع بالجائزة كما يجب، حيث قال للصحافة إن (كارل ساندبرج، وإسحاق دنيسين، وبيرنارد بيرنسون) هم أجدر منه بالتكريم، ولكن بإمكانه أخذ المبلغ النقدى من الجائزة، ولم يسافر للسويد لتسلم الجائزة، وطلب من سفير الولايات المتحدة الأمريكية فى السويد آنذاك، جون سى، قراءة خطاب الجائزة، الذى وجد فى سيرته الذاتية عام 1974، وفيما بعد قام همنجواى بتسجيل الخطاب بصوته.
ليس هذا فقط بل جزء من معاناة أرنست هيمنجواى، أنه لم يكتب شيئا بعد الجائزة، لقد أصابته حبسة الكتابة، وظل هذه السنوات يعانى، حتى وضع حدا لحياته.


















0 تعليق